يفنى كل شيء في الوجود وتنتهي الحياة بكل ما فيها من خير وشر ولا يبقى شيء إلا ومرت عليه سنن الكون وصبغة الخليفة وفطرة الحياة.. وبالرغم من أن الفنا مصير لا بد أن نواجهه مهما طالت رحلة الحياة إلا أن الإنسان تحديداً مجبولاً على البحث والتنقيب والتعلق بأسباب الخلود.
وما الأبراج والحدائق والشوارع وسواها من مظاهر العمران إلا دليل كامل على تعلق الإنسان بالحياة ورغبته بالبقاء, غير أن الإفراط في ممارسة هذا الشعور الفطري قد يقود الإنسان لممارسة البطش وانتهاج العنف والوصول إلى احتراف الجريمة بكل درجاتها ومعاييرها.
وما يحدث اليوم في الوطن من ممارسات لا إنسانية والاسترشاد بالدين هي دليل مكتمل على أن هؤلاء لا يظنون أن لقاء الله بعيد, وهو في واقع الأمر قريب لا محاله. فكل هذا التفنن في إيذاء الناس وإزهاق الأرواح الأبرياء منهم وتعطيل مصالح الأحياء فيهم يدعو للتساؤل: ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون؟ هل يأمن هؤلاء من مكر الله؟ هل يجهل هؤلاء حرمة دم المسلم على المسلم؟! ألا يخشى هؤلاء لحظة الوقوف بين يدي الله أمام من رحلوا من أرض الوجود بلمح البصر وتبعهم آباؤهم بعد حزنٍ قاتلٍ وعناءٍ مرير؟ ماذا يمكن أن يقولوا لأمهات القتلى اللاتي رقدنّ على فراش المرض حتى أتاهنّ الموت حزناً على فلذات أكبادٍ حلمنَّ بهم رجالاً ونساءً؟! نعم كل شيء زائل وكل إنسان سيصيبه الموت, لكن الله حرم القتل حين جعل فيه القصاص لعل فيه تطهير لذنب هو من أكبر الكبائر.. القتل في حق أخيه الإنسان, ذلك لأنه؛ حين يفعل ما يفعل لا يسلبه مالاً ولا جاهاً وإنما يسلبه عمراً وهذا ما يقاضيه به يوم القيامة حين يحكم الله بين الأشهاد.
لقد وصلنا إلى الحد الذي يتعامل به هؤلاء القتلة مع ضحاياهم وكأنهم حيوانات في مسلخ.. وأُقسم أن ما أصابنا في اليمن جاء بعد أن انتشرت بيننا وسائل المعصية وأدوات الإستغفال التي أبعدتنا عن فطرتنا وسلامية نوايانا, وأغرقتنا في مستنقع الشهوات.
فمنذ متى كان يشكو المجتمع البسيط من جرائم الشرف ومنذ متى كان يعاني من انتشار المخدرات والخمور؟ إننا وطن الإيمان والحكمة, نحن ألين أهل الأرض قلوباً وأرقهم أفئدة, لكننا أضعنا حسن الاعتراف بالله وأكثرنا من التواكل وحال بيننا وبين الأمن أننا سلكنا مسالك الباطل واتبعنا إبليس اللعين, أياَ كانت صورته, في سلاح أوقات أو رذيلة, فليس لإبليس لوناً أو شكل أو طريقة واحدة لو أننا عدنا كما كنا لأعاد الله لنا نعمة الأمن والأمان كما كانت ليس لنا عدو إلا الذئب! فهل نعود؟!
ألطاف الأهدل
البقاء لله.. 1522