في القرن التاسع عشر أفتى كهنة دولة الخلافة في "الاستانة" بحرمة شرب " قهوة البن" وبفتوى شرعية، قبل منع القهوة بمرسوم ديني من عاصمة الخلافة, كان علماء الدين قد أفتوا في القرن السابع عشر برجسية وشيطانية "المطبعة" التي حاول بعض الأتراك إنشاءها تساوقاً مع ذينك العصر الذي شهدت فيه تقنية المخترع الألماني جوتنبرج "المطبعة" انتشارا ورواجا وصناعة لا غنى لدول العالم من استخدامها والتعامل مع هذه التقنية الجديدة عاجلا أم آجلا؟.
وبعيد اقتناع أحمد الثالث ـ سلطان تركيا ـ بفكرة سعيد أفندي - الذي صار فيما بعد صدرا أعظم – فاستكتب شيخ الإسلام ومعاونيه فتوى تؤكد أن المطبعة فضل من الله, ثم صدر الفرمان العالي سنة 1712م مرخصا لسعيد أفندي بطبع جميع أنواع الكتب باستثناء كتب التفسير والحديث والفقه والكلام.
حافظ شريعتي أكد باحترامه وتقديره لأعضاء مؤتمر الحوار الذين لم يختارهم الشعب للتقرير نيابة عنه, مشيرا ـ في مقابلة أجرتها معه قناة "معين" ـ إلى مخاوفه من الأوضاع الجارية المهددة لدين الإسلام والبلد على السواء, معللاً ومحللاً أسبابها إلى تخلي الأمة عما جاء به الوحي الإسلامي ـ الذي وفق تعبيره ـ كنا فيه سادة العالم عندما كنا متمسكين به وبه بنينا الحضارات وتفوقنا على بقية الأمم, لافتا ـ في الوقت ذاته ـ بضرورة الأخذ بتوصيات مؤتمر علماء ومشايخ اليمن المنعقد تحت شعار "المؤتمر اليمني للحفاظ على الشريعة الإسلامية والثوابت الوطنية".
نعم أعضاء مؤتمر الحوار لم يختارهم الشعب كي يقرروا مصيره إنابة عنه؛ لكن الشيخ لم يقل لنا عن ماهية الصفة وعن ماهية المشروعية الممنوحة له وأشياخه كي ينصبوا أنفسهم إنابة عن الشعب اليمني وعن رب السماء ودينه وتعاليمه؟.
فالشيخ هنا ـ وعلى غير عادته ـ يحدثنا عن جمهورية الشعب كفكرة وفلسفة ونظرية ابتدعتها عبقرية أفلاطون قبل ألفين عام تقريبا، فطوال مسيرة هذه الجمهورية ظلت الشراكة المجتمعية في السلطة والقرار محل تطور وتحديث إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم من نماذج جمهورية ديمقراطية مؤصلة قيميا ونظاميا وثقافيا - وإن بنسب متفاوتة – لحق المجتمعات في حكم جمهورياتها وفي ممارسة سلطانها المباشر وغير المباشر ومن خلال تفويض مجتمعي.
في أول بيان لثورة 26سبتمبر كان الهدف الثالث: إحياء الشريعة الإسلامية الصحيحة بعد أن أماتها الحكام الطغاة الفاسدون؟.. وإزالة البغضاء والأحقاد والتفرقة والسلالية والمذهبية "يقابل ذلك كان الإمام المخلوع محمد البدر قد ناهض الثورة والجمهورية بدعوى مروقها وكفرها بهذه الشريعة الإسلامية.
كذلك فعل الإمام أحمد حين استباح صنعاء إثر اغتيال والده الإمام يحيى فبراير 48م إذ كان الإمام قد استرد عرش أبيه وبذات المنطق المحرض على قتل الملاحدة والكفرة المتآمرين مع النصارى الإنكليز وسواهم من الأعداء المحاربين لدين الإسلام وشريعته.
ربما غفل شيخ الشريعة قولة الإمام الشهرستاني: ما سُل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُل على الإمامة في كل زمان ومكان "كان حريا به كشيخ فقه أن يحدثنا عن ماهية مؤلفاته ومراجعاته واستنتاجاته وأثرها في تصحيح وتصويب المفاهيم الخاطئة التي رسبت واستقرت في أذهان المجتمعات الإسلامية.
نعم أخطاء فظيعة وقاتلة اقترفت من كهنة السلطان والمال، وكان من تجلياتها صراع دموي دام قرونا، ومازال يفتك بالملايين من القرابين المزهقة ظلماً وعدواناً باسم الغيرة والحمية على الدين وتعاليمه وشريعته، كما ومن نتائج التأويلات البشرية الخاطئة الضالة المكلفة هذا الصراع الطائفي العنيف المشاهد في أكثر من بلد إسلامي، وهذا التخلف الحضاري والاقتصادي، والإنساني، والديني، والديمقراطي، والثقافي، والحياتي الذي تعيشه المجتمعات المسلمة سواء في أوطانها الأُم أو في مواطنها المكتسبة بالانتساب .
طاغوريات
" إيه يا وطني، أطلب إليك الخلاص من الخوف
هذا الشبح الشيطاني الذي يرتدي أحلامك الممسوخة
الخلاص من وقر العصور، العصور التي تحني رأسك
وتقصم ظهرك
وتصم أذنيك عن نداء المستقبل"
محمد علي محسن
حافظ شريعتي وحرمة القهوة !! 1890