يحب الناس أوطانهم حتى يدفعوا لأجلها أثمن ما تملك أيديهم، فإن عجزوا عن الوفاء بحقها دفعوا لأجلها أرواحهم ليكتمل نصاب العمر بين يديها.
وهل في الدنيا أثمن من عقيدة وأغلى من وطن؟، لأجل الحفاظ على عقيدته ترك رسولنا الكريم وطنه وأهلهُ ومسكن روحه، ولأجل وطنه، قاتل من اعتدى وسعى بظلم وإفساد، حتى جعل بينه وبين غير المسلمين شروطاً وعهوداً ليتعايش الناس بسلام فتزول الضغينة ويعم الأمن ويستقر المجتمع ويعرف كل من يسعى في الإفساد عقوبة صنيعه قبل أن يفكر بإتيانه.
نحن وسوانا من شعوب العالم الثالث لا تستقر أوضاعنا ولا تهدأ أحوالنا، لأننا أتخذنا من القانون صولجاناً نضرب به على رؤوس الخلائق الضعيفة حتى نجد لبطش الكبار مخرجاً ولظلمهم طريقة.
الوطنية عندنا أشخاص، أو أصنام، أوصلت نفسها إلى هاوية السفه حين تألهت وتحكمت في مصائر العباد، وتعاملت من هذا الوطن بطوله وعرضه وكأنه بيت العائلة يسرح فيه الأعوان ويمرحون وإذا ارتفعت للضعفاء فيه راية، أخفضتها سلطة القبيلة وكأن اليمن مجرد (شقة مفروشة) لا يحق ارتيادها إلا لأبناء الذوات الذين يستطيعون إخفاء معالم جرائمهم النكراء بقوة السلطة.
وأما الضعفاء والشرفاء والفقراء، فحبهم لوطنهم جريمة يعاقب عليها القانون، فالوطنية في اليمن مجرد كلمة فضفاضة تحتمل التأويل والتعديل والتأجيل والتعجيل والتفسير، والتحليل لأنها ربما أخفت أتهاماً للنخبة أو إسفافاً بحقها، لعن الله الفقر، كم وضع من قدر وكم أوطأ من هامة وكم دفع بمن لا حول لهم ولا قوة إلى اتباع الباطل خوفاً من الجوع وطمعاً في لحظة شبع.
الوطنية في اليمن عُملة لفضية يمكن أن تشتري الكثير من المواقف وتبيع الكثير منها، تماماً كما كان يباع الناس في أسواق النخاسة في زمن الأرستقراطيات المنتخبة.
وعلى ذكر النخاسة فإن الدراسات تقول أن في اليمن أسواق نخاسة وتشتري البشر في إحدى أكثر المناطق فقراً في "تهامة" وربما يفسر هذا إقدام الكثيرين من أصحاب القرار على شراء أراضٍ شاسعةٍ تمتد لمئات الكيلومترات، فقد أشتروها بمن فيها من عبيدٍ وإماء!، لعن الله السياسة! التي جعلتنا نرى الوطن رغيف خبز وشربة ماء، ولعن الله السلاح الذي جعل من المغضوب عليهم حاشيةً ومن الضالين بطانةً ومن الذين أنعم الله عليهم شعباً بلا إرادة.
ألطاف الأهدل
الوطنية في اليمن حب من طرف واحد! 1434