أحياناً أجد مشقة كبيرة في التعبير عن رأيي في هذه القضية الهامة، التي أصبح لها مخرجاتها السلبية شئنا أم أبينا، اعترفنا به أو أنكرناه.
فبقدر احتجاجي على موقف الآباء والأمهات من المغالاة في المهور، بقدر إحساسي كأم أنني ربما لجأت لاستخدام هذه السياسة ذاتها حين يكون المتقدم لابنتي لا يقل تسرعاً وحماقة واستهتاراً عن شباب هذا الجيل الذي يندفع كالطوفان ليدمر كل شيء حتى نفسه!.
فكيف لا تغالي الأمهات والآباء في مهور البنات ونحن أمام جيل من الشباب من أهم الشروط التي يطرحها في زوجة المستقبل؛ أن تكون موظفة.. لقد وصلت قلة الرجولة والشهامة إلى الحد الذي يدفع ببعض الآباء لأن ينتقي لابنته زوجاً من بين عشرات الأزواج الذين يشبه بعضهم بعضاً.
فأين هم أهل النخوة والشهامة؟, أين هو ذاك الشاب الذي بمجرد أن يخطب ويطمئن أنه وجد المرأة التي ستشاركه مشوار الحياة، ينصرف ليعمل بجد واجتهاد وتفانٍ لا مثيل له حتى يكمل نصف دينه ويستقر في عش الزوجية ثم يبقى غادياً مع شروق الشمس وعائداً مع غروبها باحثاً عن الرزق الحلال الذي يبارك معيشته ويسعد حبيبته.. هؤلاء نادرون جداً في هذه الحقبة الاجتماعية، والسبب لا يعود لفقر أو قلة فرص العمل، وإنما يعود لفقر العزيمة وقلة التوكل على الله وعدم السعي الحثيث لإيجاد الرزق الحلال الطيب الذي وإن قل إلا أنه يكفي بل ويزيد.
لذا أجد في تشديد الآباء أحياناً بعض الحكمة, بينما أجد فيه أحياناً الكثير من القسوة، إلا أنني في نهاية المطاف أهيب بكل من كانت له بنات؛ أن يحسن الاختيار ويجيد الاختبار وليمحص الرجل الذي أمامه تمحيصاً لا يفضي إلى نفور ولا يؤدي إلى فجور!، كما أنني أحب أن ألفت النظر إلى ضرورة تجهيز الفتاه للمستقبل وتربيتها على تحمل المسؤولية والتركيز على أن تكون في قمة عطائها وتفانيها مع أفراد أسرتها حتى لا يشعر الرجل بأنه اشتراها بماله وسيبيعها أيضاً بماله بعد أن أصبح بعض الآباء يشترط مؤخراً باهظاً حتى جنح أكثرهم إلى تقدير المؤخر بالجنيه "الذهب".
لكن عندما يتعلق الأمر بالراحة والاستقرار والإبداع في امتصاص غضب الزوج وحسن التبعيل له, يكون هذا كله في نظر الزوج دراهم معدودات.
ألطاف الأهدل
غلاء المهور إذا عُرف السبب! 1666