ثمة أناس يقال لهم مثقفون وقد كثروا هذه الأيام، طبعاً هذا حسب معاييرهم للثقافة يميلون حيث تميل بهم رياح المال والجاه والسلطة، لا يقيمون وزناً لمبدأ طالما تغنوا به وأظهروا الدفاع عنه وأكدوا نظرياً أنهم يفدونه بأرواحهم، وقد أثبت الواقع اليوم أنهم أكثر وقاحة وكذباً وتدليساً وتزييفاً للحقائق.
ولأنهم من باعة المبادئ، فإنهم دائماً ينحازون لما يُطلب منهم وما دام هناك مشترٍ يدفع الثمن، وأكثر ما يتمثل هذا النوع في دعاة الليبرالية والعلمانية والقومية وكل القوى العازفة على وتر الحرية وحقوق الإنسان، هؤلاء موجودون في عالمنا العربي وقد أسقطت الثورات العربية الأٌقنعة الزائفة التي كانوا يخفون بها الوجه القبيح لنواياهم.
وللإنصاف هناك قلة ظلوا ملتزمين بما نادوا به وهؤلاء هم المنخدعون بالشعارات البراقة التي رفضتها تلك القوى المفلسة.
هؤلاء الشرفاء لا تهمهم الإيديولوجيات الحاكمة طالما وصلت إلى السلطة عن طريق قواعد اللعبة الديمقراطية المتفق عليها، لكن النوع الأخر والذي هو معرض حديثنا من المنظرين ودعاة الديمقراطية الذين يدركون حقيقة كيانهم ويعلمون أن الخيارات الديمقراطية الشفافة النزيهة لن تحقق مطامعهم؛ يلجأون إلى الطرق القذرة ويتحالفون حتى مع الشيطان طالما أنه سيساعدهم على الوصول إلى السلطة المتعطشين لها.
هؤلاء تعرضوا لصدمة قوية بعد الثورات العربية عندما وجدوا أنفسهم خارج المشهد السياسي وتكشفت لهم ثمرة القوى الإسلامية وقاعدتهم الشعبية في هذه اللحظة.. بدأوا يقبلون أحذية العسكر في مصر وعقدوا صفقة معهم وقبلوا بإقصاء منافسيهم وتلذذوا بمشاهد الفوضى والقتل والإحراق والسجون وكل أشكال الاضطهاد تجاه القوى المدنية الإسلامية الديمقراطية التي ثبتت على مبادئها.
في الساعات الأولى للانقلاب؛ تم إغلاق القنوات والصحف المحسوبة على التيارات المعارضة للانقلاب، وتم اعتقال الصحفيين والإعلاميين وكل من رفض عودة العسكر للحكم، وتمسك بالشرعية.
وعند هذه الخطوة كممت الليبرالية فمها وراحت تبرر كل هذه الأعمال.
في الأخير مصر بحاجة إلى ثورة على الأهواء والمكاسب وإرادة حرة تسًير في النضال حتى تسقط حكم العسكر ومن تحالف معهم؛ طبعاً الثورة في مصر هي الآن العمود والصمود الأسطوري للرئيس مرسي أرهبهم، والفوران في الشارع المصري وطلاب الجامعات أٌقلقهم الانقلاب وبات على مشارف الانتحار، وفي هذه الأيام ذهبت الليبرالية لتتوارى بعيداً تبحث عن وشاح لتغطي وجهها القبيح من جديد.
لكن كما قال د/ طارق السويدان: إن ثورة مصر ناضجة، وبالأخير أذكرهم بالحكمة القائلة "أنك لا تستطيع أن تكذب على بعض الناس كل الوقت، وعلى كل الناس بعض الوقت، لكن لا تستطيع أن تكذب على كل الناس كل الوقت".
محمد المياحي
الليبرالية الزائفة!! 1576