فخامة الرئيس/ عبدربه منصور هادي
أعانه الله وسدد خطاه بالخير
وشعبنا اليمني العظيم يعيش في ظل أجواء ملبدة بالحيرة والترقب لنتائج الحوار الوطني, وفي ظروف سياسية وأمنية واقتصادية عصيبة, بالرغم من كل النجاحات التي تحققت وتم من خلالها تحقيق الانفراج السياسي والعسكري الذي كاد يعصف باليمن ومستقبله.. في ظل هذا المشهد اجتمعت اللجنة التحضيرية للتجمع الوطني للعاصمة صنعاء وقررت أن تخاطبكم باعتباركم رئيس البلد ومرجعيته بصكٍ شعبي تم التوقيع عليه يوم 21 فبراير 2012م, يوم خرج الشعب بتظاهرة ديمقراطية فاعلة قل حدوثها لتقول لك "نعم لقيادتك وحكمتك", ووضعت رهان مستقبل الشعب ومستقبل وحدته الوطنية أمانة في عنقك, لأن انتماءك إلى اليمن وحبك لكل أبناء اليمن هو معيارهم, ولم ينسوا أنك كنت صمام أمان جين تعرضت وحدة اليمن للخطر.
فخامة الرئيس:
والشعب يترقب نتائج الحوار بعد مخاضٍ عسير وتهم من قبل قلةٍ جرت نفوس أغلب أبناء اليمنيين بأنهم متخلفون وناهبو أراضٍ وجهلة, بل ومستعمرون.. ولم تكتف تلك الأقلية بكل عيبٍ أسود في حق إخوانهم وأبناء وطنهم, بل مارست الابتزاز تلو الابتزاز والشروط المعسرة, وكأنها هي المفوضة بإدارة الحوار أو توقيفه والمسئولة عن تحديد ما هو خطأ وما هو صواب, بل وصل أمر أحدهم أن رفض جلوس أحد أعضاء الحوار في لجنة (8+8) المعروف بشرفه ونزاهته ووطنيته في صف أبناء الجنوب, فأي مرضٍ عضال يشكو منه ذلك النفر ومن هم أمثالهم؟.
نقول: بعد كل تلك الجروح والابتزازات لا بأس من تحملها من أجل اليمن ووحدته وسلامة أراضيه, (كما أكدت ذلك المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن), وبعد ذلك كله يفاجأ الشعب بأن تلك المناورات والألاعيب هدفها وضع خيارين لا ثالث لهما: إما دولة من إقليمين شمال وجنوب, أو دولة من عدة أقاليم.. فالخيار الأول يا فخامة الرئيس يعني العودة إلى التشطير البغيض, ولا داعي أن نذكر مآسي ذلك, فالكل قد عرفها واكتوى بنيرانها, ونعتبر ذلك بمثابة من يعالج الأخطاء للسنوات الماضية بخطيئة وطنية عظيمة.. أما الخيار الثاني فهو الخطأ الكبير في حق اليمن وأبنائه وكل الأجيال القادمة, لن يغفر الشعب لمن يوافق عليها أو يسعى إليها أو يسكت عنها.
نقول ذلك يا فخامة الرئيس, ونتساءل في نفس الوقت: كيف غاب عن الفاعلين في مؤتمر الحوار ممن توصلوا إلى هذا الخيار, وبينهم العشرات من الكفاءات الوطنية ذات الخبرة في إدارة الدولة, أنهم سيقسمون اليمن إلى أشطار وسلطنات بعد أن ناضل شعبنا طيلة عقودٍ طويلة وضحى بالدم والنفس من أجل استعادة وحدته, وإذا بنا نشارك في تقسيم الأرض والأهل إلى أقاليم ودويلات وسلطنات, وكأن قدوتنا في هذا الخيار الذين يخربون بيوتهم بأيديهم؟!.
ثم إننا ننكر على مؤيدي هذا الخيار توافقه مع المبادرة الخليجية أو قراري مجلس الأمن المجمعة على وحدة وسلامة أراضي اليمن, وما ذلك الخيار الأول, وكذلك الثاني, إلا خياراً يتعارض بصورةٍ واضحة مع مرجعيات تسوية الأزمة, ومن يقول بأن ذلك الخيار هو تحت سقف الوحدة اليمنية فذلك الخُبال السياسي بعينه, فأي خيار وضعه الانفصاليون والمناطقيون, وقد قسمت الأرض وأصبحت كيانات غير استكمال بناء ما بقي من شرعية الدويلة وإعلان استقلالها؟.. ومن لم يقرأ تاريخ ما بعد انسحاب الأتراك من شمال الوطن وظهور النعرات المناطقية في أكثر من منطقة وحملها السلاح من أجل كياناتها الصغيرة, وكذلك قيام المحميات والسلطنات في جنوب الوطن وتحت حماية المستعمر, لولا الحس الوطني الذي كان سائداً بعد ثورة 14 أكتوبر الذي استطاع إعادة اللحمة الوطنية إلى وضعها الطبيعي كما هو حالها عبر العصور، من لم يقرأ التاريخ نقول له: إن خيار الأقاليم سيذكي المناطقية والطائفية والعنصرية, وهذا يتعارضُ مع كل القيم والمبادئ الوطنية والدينية.
والسؤال الكبير يا فخامة الرئيس:
ألم يكن الأسلم للوطن من تقسيم الأرض إلى دويلات (الأقاليم) وتشتيت الشعب إلى طوائف، ألم يكن الأسلم أن تُجمع القوى السياسية على منح كل المحافظات في الجمهورية (22 محافظة) كل الصلاحيات المالية والإدارية والامتيازات التنموية والحضارية لكل محافظة حسب طبيعتها وتميزها، وننهي بذلك المركزية المالية والإدارية التي نعيشها اليوم والتي كانت محل الشكوى والتذمر طيلة سنوات, ونُعمق الولاء الوطني وروح الوطن الكبير الواحد؟.. وإذا أصبح معنى الأقلمة خياراً نفسياً لدى البعض فليتم تسمية المحافظات بالأقاليم, ويصبح لدينا اثنان وعشرون إقليماً لها كامل الصلاحيات المالية والإدارية وتسيير أمور واحتياجات ساكنيها.
ولأن اليمن وهي في مفترق طرق وستحدد نتائج الحوار أسس بناء اليمن الجديد, فلا بد من توازن مخرجات الحوار, بحيث لا تشكل انتصار رؤى طرف على رؤى طرف آخر وتصبح النتيجة في المستقبل مشكلة يتفاقم أمرها مع مرور الوقت وتصبح معضلة في المستقبل, (وما مشكلة المتقاعدين بعد حرب 94 التي تحولت مع مرور الوقت إلى معضلة ببعيدة عن الذاكرة اليمنية, فهل نستفيد من تجاربنا السابقة؟).
فخامة الرئيس:
يظن الأغلبية عن يقين, من أعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام الذين يفخرون بأنك النائب الأول والأمين العام لهذا التنظيم الأهم في الساحة اليمنية, يظنون بأن فتور العلاقة بينك وبين رئيس المؤتمر قد أضعف دور المؤتمر في أدائه داخل أروقة مؤتمر الحوار, وجعل المؤتمر كتنظيم سياسي يعيش في حالة لا توازن في مجمل فعالياته وتأثيره السياسي على الساحة اليمنية, وكان من المفترض على المؤتمر أن يكون الداعم الرئيسي لتوجهك كرئيس لليمن, وهذا يجعلنا نؤكد بأن الظرف السياسي الذي يعيشه اليمن يجعل من الضرورة أن يعود الوئام إلى قيادة المؤتمر الشعبي العام واستبدال القطيعة بالوصل, والجفاء بالمودة, فاليمن أهم من أي حسابات أو رؤى شخصية، فأنت أولاً وأخيراً رئيس اليمن ومنك الرعاية, وعلى الجميع الطاعة والالتفاف حولك من أجل أمن واستقرار ووحدة اليمن.
وأخيراً فخامة الرئيس:
نقول لك باسم أبناء العاصمة: لقد اختارك الله وأبناء اليمن رُبّاناً لأخطر فترات التاريخ اليمني سوداوية وغموضاً على مستقبله ومصير وحدة أراضيه من التقسيم وتفشي وباء المناطقية والعنصرية, وقد وضع الشعب كل همومه على عاتقك لتعيد لليمن مجدهُ واستقرارهُ وتخلد اسمك في سجل التاريخ كبطل وطنيٍ لم ولن يفرط في وحدة الأرض والإنسان ولن يتنازل عن الثوابت الوطنية الخالدة في ضمير كل أبناء اليمن.
والله من وراء القصد.
*صادر عن اللجنة التحضيرية للتجمع الوطني للعاصمة صنعاء
مطهر أحمد تقي
رسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية..(إقليمين أو أقاليم) مخطط لتقسيم اليمن 1883