مع ازدياد عدد النساء اللواتي يحاولن تغيير الأدوار التي يلعبها كل من المرأة والرجل في الزواج يزداد وعدد الرجال الذين يعانون من صدمة التحرر الأنثوي (وراء كل رجل عظيم امرأة) مثل طالما سمعناه وكررناه وقد كان هذا التعبير صحيحاً ربما في يوم من الأيام، حيث كان الرجل يخرج ليقهر العالم وحده وهي تصفق له وتمتدحه.
أما اليوم ومع بدء خروج الكثير من النساء في محاولة منهن لقهر عوامل خاصة بهن ومع زيادة عدد النساء المتعلمات من خريجات الجامعات والمعاهد الفنية والتخصصية ومع ازدياد حاجة سوق العمل للمرأة التي صارت منافساً قوياً للرجل في جميع المجالات الطبية والفنية والتجارية والأدبية والإعلامية، وأصبح بدورهن بحاجة لمن يصفق لهن ويمتدحهن ثم يدعمهن بالثقة والحب حتى يصل بهن الأمر إلى الحاجة لمثل يقول (وراء كل عظيمة رجل)، ولكن لماذا لا تسير الأمور على خير ما يرام؟.
لقد دخلت المرأة سوق العمل من أوسع أبوابه فاحتلت مراكز ومناصب محترمة في كثير من المجالات مما خلق لدى الرجل عدم شعوره بالرضى والارتياح والسرور وصارت قنوات التفاهم بينهما مسدودة بالكثير من العوائق ويشكو الكثير من الرجال المتزوجين من نساء عاملات وهو أن الرجال في هذه الأيام بحكم ظروف زوجاتهم مفروض عليهم أن يصرفوا المزيد من الوقت للمساهمة في إنجاز الأعمال المنزلية والمساعدة في تربية ورعاية الأولاد وهو شيء يكرهونه.
لماذا يستصعب الرجال في بعض الأحيان أن يقدموا للمرأة الدعم نفسه الذي اعتادت هي أن تقدمه لهم دائماً؟، لقد شعر معظم الرجال أن على المرأة البقاء في البيت إذا كانت أماً لطفل دون سن السادسة من العمر.
وإذا كانت الوظيفة الزوجية تأثيرات سلبية على منزلها وعائلتها؛ فإن على زوجها أن يحاول إقناعها بترك تلك الوظيفة.. إن رجل الأمس الذي كان يتحكم بكل شيء هو ذاته اليوم المتعصب الذي يعيق نضال المرأة في سبيل إثبات ذاتها، يترعرع معظم الرجال وهم يحتاجون إلى التحكم بكل شيء، وأن يتمتعوا بروح السيطرة وأن يكونوا ملوكاً في منازلهم وأن يكن لهم أكثر من نصف الفطيرة هناك.
لكن الأحوال تغيرت الآن وقد أصبح باستطاعة معظم النساء أن يبدين من الشجاعة ما يدفعهن إلى القول إننا شريكان ولسنا سيداً وجاريته، لقد تغيرت مفاهيم وظروف الحياة وزادت تكاليف المعيشة إلى حد كبير وهذا ما فرض على الكثير من العائلات أن تمارس الزوجة فيها وظيفة لها راتبها هي الأخرى مثل زوجها حتى يتمكنا من تأمين حاجات العائلة وخاصة الأولاد، وقد أكدت غالبية النساء العاملات أن توعية الحياة العائلية تتحسن عندما يشارك الأزواج بتربية أطفالهم والعناية بهؤلاء الأطفال كما أن العلاقات الزوجية تنتعش عندما يزداد تفهم كل من الزوجين لمشاعر الآخر ويزداد التمازج العاطفي وروح المودة والوئام.
على النساء الإدراك بأن التغيير مهم كان فهي تحتاج إلى الوقت والتأقلم ولكي تتجنب العائلات اللتي يتشاركا فيها الرجل والمرأة العاملة في مسؤولياتها والتزاماتها لا بد من تغيير أنظمة العائلة كي يحلوا المشاكل التي قد تواجههم في حياتهم العائلية على أفضل ما يرام.
وأول الحلول هو التفهم من كلا الطرفين؛ الرجل والمرأة والتحلي بالصبر والليونة والتغيير يحتاج إلى أسابيع أو شهور.
بالإضافة إلى القبول والترابط المشترك بين الزوج والزوجة يذلل تحدي ومقاومة المحن والنزاعات التي قد تطرأ في حياتهما الزوجية، وذلك يدل على أن معنى الشراكة هو أن ما تربحه أنت؛ تربحه هي الأخرى والعكس بالعكس.
وربما يثابر الرجل على الدمدمة متغنياً بين الحين والآخر، بما معناه "أريد مرأة كالمرأة التي تزوج منها والدي الحبيب" وأن يظل على الرغم من ذلك سعيداً لزواجه منك أنت امرأة القرن الحادي والعشرين لأنك تجسدين له متطلباته التي يراها محيطة به أينما ذهب وحيثما حل حتى ولو كان يحن دائماً إلى حياة العصور الماضية.
د.عبدالسلام الصلوي
صرخة المرأة في التحرر يقلق الرجل 1425