رحل الزعيم التاريخي لجنوب أفريقيا لكنه خلد تراثاً عظيماً ورسخ قيم الحرية ومبادئ السلام.. مانديلا قدم نموذجاً للعالم في القبض على جراحات الماضي من أجل مستقبل يظلله الأمن والسلام والقبول بالآخر والتعايش بطريقة لتحقيق حلمه كان طويلاً وذاق ويلات ما ذاقه شعب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري.
ولد مانديلا عام 1918م في ظل نظام استعبد الإنسان, عاش الرجل كبيراً بعمله, تشرّب رؤية المهاتما غاندي في المقاومة السلمية ليقود شعبه إلى التحرر من ربقة العبودية وامتهان كرامة الإنسان, انتصر للإنسان وقيم الحضارة وحقق بطولات أضحت معلماً من معالم السلام في العالم, جسّد مانديلا بسلوكه نظاماً آمناً استلهم من العالم تفاصيل كثيرة توضح مدى عبقريته وحنكته في الاستبسال والتضحية من أجل الحرية.. اليوم خفت نور أضاء جنبات العالم أجمع واستيقظت البشرية على حادث أحزنها كثيراً كيف لا والعالم خسر برحيله واحداً من أعظم رجالات التاريخ أثراً وتضحية.. مانديلا رجل لكنه نقش على قلب الإنسانية ذكرى جميلة بعبارته المشهورة "في الأرض متسع للجميع".
بعد خروجه من السجن عام 1991م حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس الأسبق لجنوب أفريقيا وخاض عام 1994م الانتخابات التعددية بعد إنهاء نظام الفصل العنصري واكتسحها ليصبح أول رئيس لجنوب أفريقيا من فصيل السود معلناً بذلك الإنهاء الكامل للنظام الطبقي الذي ارتكب جرائم بحق السود في أفريقيا.. صعد إلى السلطة وبلده مثخنة بالجراح, فقر, بطالة ومرض وعمل جاهداً على خدمة بلاده وبالفعل حقق لها الكثير.. سلم السلطة عام 1999م للرئيس الفائز في الانتخابات واعتزال العمل السياسي لكنه لم يقطع مسيرة العمل الإنساني وإرساء دعائم السلام والحرية والأمن في العالم.. عانى طويلاً من المرض وانتقل إلى رحمة الله وخلف قلوباً تخفق بالذكرى الجميلة لرجل ضحى طويلاً من أجل الإنسانية وكرامة الإنسان.. لسان حال الأفارقة اليوم:(فإن ينقطع منك الرجاء فإنه .. سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر).
محمد المياحي
نيلسون مانديلا..أيقونة النضال 1482