يا ترى من أين تنشأ هذه الجماعات المتطرفة المعوجة ذات العقول المريضة التي تبث سمومها في أرجاء الوطن وتنشر الفتنة في المجتمعات المسالمة والتي كان يسودها الأمن والأمان ثم أصبحت اليوم لا تعرف سوى القنابل والرصاص والتفجيرات التي تأخذ معها الصالح والطالح ؟..
يقول إيريك هوفر في كتابه المؤمن الصادق (إن هؤلاء المتطرفين لا يستطيعون أن يتحركوا ويأخذوا زمام الموقف إلا بعد تعرية النظام القائم وتجريده من شرعيته لدى الجماهير).. وهناك سؤال: كيف يصبح المرء متطرفاً؟.
عندما يشعر المرء بالنقص والثقة في نفسه وبقدراته التي وهبها الله له يصبح متطرفاً.. يقول إيريك (لا يستطيع المتطرف أن يستمد الثقة من قدراته الذاتية أو من نفسه التي تنكر لها ولكنه يجدها في الالتصاق المتشنج بالكيان الذي احتضنه, يجد في هذا الالتحام ما يحفزه على الولاء الأعمى الذي يشبه التدين).
ومن هؤلاء الأفراد تنشأ المجتمعات المتطرفة ويتربون على الحقد والكره لكل من حولهم, وبسبب الطاعة العمياء يحطمون كل ما يتبادر أمامهم ولأنهم يكرهون كل المجتمعات وحتى أنفسهم فهم لا يبالون بشيء آخر حتى لو كانت مصالح الوطن, فليس لدى المتطرف سوى الدمار والخراب وبث الفوضى.
وما نشاهده الآن بين الحوثيين والسلفيين الجماعتين المسلحتين لهو خير شاهد على التطرف المذهبي والديني المتعصب.. وهذه الجماعات لا يهمهم مصالح الوطن أكثر من مصالحهم الدينية الضيقة وأكثر ما يهم هذه الجماعات هو تحقيق مآربهم حتى لوكان على حساب الوطن.
وللإيضاح أكثر يقول إيريك بعد أن أصدر سؤالاً: من أين يجيئ المتطرف؟..(يجيئون غالباً من صفوف رجال الكلمة غير المبدعين ).. إذن رجال الكلمة غير المبدعين الذين يثيرون الحماسة بين أفرادهم ويزرعون الكره والحقد في قلوب أتباعهم.
إن خطر المتطرفين على المجتمعات خطر كبير, وهل يؤثر المتطرف على الثورات السلمية التي قامت ضد الظلم والقهر؟.. بالتأكيد المتطرف له أثر كبير على هذه الثورات السلمية, حيث أن المتطرف يربك المجتمع.. وكما يقول إيريك (يكمن خطر المتطرف على تطور الحركة الجماهيرية في عجزه عن الهدوء عندما يتم النصر ويبدأ النظام الجديد في البلور يصبح المتطرف عامل توتر وإرباك).
إن أكثر ما يشجع المتطرف على الظهور هو ضعف النظام الجديد, لأنه ما زال في مرحلة التبلور ولم يقف على أرجله بعد, وهنا يستغل المتطرف الفرصة ويثير الإرباك والفوضى في هذا النظام الجديد..
إذن يجب على هذا النظام أن يصب جل اهتمامه على إيقاف هذه الجماعات المتطرفة أياً كان شكلها: حوثية- سلفية- قاعدية, أو أي جماعة أخرى أرادت أن تبث الفوضى والذعر والدمار في المجتمعات المسالمة الآمنة.. الحياة زهرة اقطفها واحفظها ولا تدسها بقدميك.
محمد حمود الاهدل
من أين تنشأ الجماعات المتطرفة؟ 1464