اليوم نستقبل الذكرى الـ 46 للاستقلال الوطني وجلاء آخر جندي بريطاني من عدن بعد احتلال دام اكثر من 129 عاماً كان المستعمر(كما يروي أهلنا) أرحم بكثير من القيادات الثورية التي تلت الاحتلال وكأننا انتقلنا من الاحتلال الأصفر إلى الاحتلال الأكبر.. ومع ذلك نستقبل هذا اليوم كيوم وطني رائع في حياتنا (وهو كذلك فعلا)لو أن من استلم الاستقلال كان رحيما بشعبنا.. فبمجرد ما خرج المستعمرون من عدن نشبت حرب أهلية طاحنة بين التحرير والقومية ونجحت القومية لان الجيش (الليوي)وقف معها، وفي العام الثاني (68م) تمت الإطاحة بأول رئيس للجنوب بعد الاستقلال (قحطان الشعبي) وفي العام ا (69م) تمت الإطاحة بقيادة الجيش (عشال وجماعته) ونصب سالمين رئيسا للجنوب وخلال 9 سنوات فقط تمت الإطاحة بسالمين (78م) وبعد 3سنوات تمت الإطاحة بزعيم المؤامرات عبد الفتاح إسماعيل وترحيله إلى روسيا وبعد 3سنوات أخرى (86م) تمت الإطاحة بالرئيس علي ناصر في حرب مأساوية لم يشهد لها التاريخ الجنوبي مثيلا وتم هروب قادة الانقلاب إلى الأمام بالتوحد مع الشمال (90م) وبعد 6سنوات (93م) تم إقصاء الحزب الاشتراكي بانتخابات الله يعلم نزاهتها وبعد عام واحد(94م) تم إقصاء الجنوب كاملا واجتياحه من قبل الشمال بأدوات جنوبية مستغلين الصراع بين الطغمة والزمرة وبعد 3سنوات (97م)تم إقصاء حزب الإصلاح من السلطة ليبدأ صراع الأضداد من جديد وتستمر اليمن في مسلسل الأزمات المتلاحقة حتى عام (2007م) وفيه بدأت جمعيات المتقاعدين العسكريين في أبين بالنشاط الذي تطور فيما بعد ليصبح حراكاً جنوبياً شاملاً ..
وفي التفاصيل خلال هذه المراحل الكثير من المآسي والويلات التي تجرعها شعبنا اليمني شمالا و جنوبا.. ثم جاءت ثورة الشباب السلمية لتقصي الرئيس علي عبدالله صالح من السلطة وتبدأ مسلسلات القتل والتشريد والاغتيالات السياسية ، بدءاً باحتلال القاعدة لأبين إلى حرب الحوثة في صعدة إلى الاغتيالات التي مازالت إلى اليوم سارية المفعول.. وخلال هذه العقود المتتالية من الزمن لم ينل الشعب اليمني في الجنوب طعم الحياة المستقرة الآمنة ومازال.. وذهبت تضحيات الأبطال الذين بذلوها ليحيا المجتمع حياة آمنة حرة وكريمة أدراج الرياح.. ومازلنا نعيش أجواء الحروب والمتاعب.. والآن نرى بأم أعيننا صراع الأخوة الأعداء داخل مكونات الحراك الذين يبشرونا بحياة افضل ومستقبل مشرق حين ينجحون في الانفصال عن الشمال ونرى فيهم صراع الثيران قبل أن يصلوا إلى هدفهم, فكيف عند الوصول- لا سمح الله-؟. ويحق لنا أن نتساءل بعفوية: كيف لنا أن نفرح باستقبال هذه الذكرى المفترض فيها إسعادنا ونحن لم نذق طعم السعادة حتى الآن ولا نرى لها أي مؤشرات في أطروحات الحراك الجنوبي..
منصور بلعيدي
وكأنك يا بو زيد ما غزيت 1364