أينما كنت وكيفما كنت فكل صباحٍ يعنيك وكل مساءٍ يعنيك, ذلك لأني أرى فيك ذخراً لوطنٍ يرقد على فراش العجز منذ زمن, فلا هو حي ولا هو ميت, لكنك ووحدك تستطيع أن تحيي جسده من جديد عبر حياةٍ تسير من أوردتك إلى أوردته.. إنه العمل المخلص والإنجاز المبدع والتصميم الخلاّق والإرادة التي لا تنكسر, فبهذا وحده تبنى الأوطان وبهذا وحده تبدد الصعاب وتتلاشى حواجز اليأس والقنوط..
ولأن الرجل هو العمود الفقري للوطن بدأت بتحيته على رأس المقال, مع احترامي وتقديري لنساء اليمن الصامدات الصابرات المثابرات ذوات الحكمة.. حييته لأنه ذلك السياسي المحنك الذي يتغاضى عن مصالحه ويتجاهل طموحه لأجل الوطن, هو ذلك الموظف الذي يعلم أن إخلاصه في عمله وتفانيه في أداء واجبه يجعل منه قدوة حسنة لسواه من الناس, وهكذا تتسع رقعة الصلاح بدلاً من أن يجسد الفساد من حياتنا الوظيفية مرتعاً خصباً لينمو ويكبر ويتطاول حتى تتدلى ثماره الشيطانية على أبنائنا جيلاً بعد جيل.. حييته لأنه ربما كان رجل الأمن الذي يقف على ثغرات الوطن مطلقاً أسمى معاني التضحية في وجه العدو, غير مكترثٍ بمنصب أو مال أو عزوة أو سكن.. أو ربما كان من حييته ذلك المعلم المعطاء الذي يتفنن في رسم تفاصيل المعلومة بمنتهى الدقة لتلاميذ اليوم الذين يعلم أنهم جيل الغد المشرق.. حييته كصحفي لا يتجاوز بطموحاته ميثاق الشرف, وكطبيب لا يتعامل مع أجساد المرضى وكأنها بضاعة كاسدة, وكإمام مسجد يعلم أن دوره في خدمة مجتمعه ليس في خطبة يلقيها أو عبارة يزلزل بها أسماع المصلين وقلوبهم, وإنما يتجاوز ذلك إلى سلوك إنساني يجذب الناس وخلق قرآني يغير مفاهيم التواصل لديهم.. نعم حييته, فلدي يقين أن من بين بني آدم من الرجال في اليمن من يمكن أن يكون سبباً في إحداث ثورة أخلاقية وقيمة كبيرة, فيهم كثيرون يمكن أن يكونوا قدوة جيدة لسواهم, وهم ليسوا بحاجة إلى فرصة للظهور وإثبات الذات, وإنما هم بحاجة ليحولوا مبادئهم وقيمهم إلى سلوكيات حية تجذب أصحاب السلوك السوي ومن عندهم قابلية للاقتداء حولهم, ومن هنا نستطيع أن نبدأ التغيير الحقيقي.
ولأن الرجل في مجتمعنا مساحة أكبر للتأثير والقدرة على التغيير الذي لا تقيده العادات والتقاليد السلبية, قلت له صباح الخير حتى أشعر أنني أمام صفوف عملاقة من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فعلاً وقولاً, وحتى لا يشعر هؤلاء الرجال أن أمامهم مسئولية كبيرة عن مجتمعهم ووطنهم وأن هناك من ينتظر مبادراتهم الحقيقية للوثوب من قاع الركود والروتين إلى قمة العطاء والعمل الجاد.
ألطاف الأهدل
صباح الخير أيها الرجل 1697