يطفو الوطن على سطح موجةٍ سوداء حالكة, تصنعها أيدي المفسدين في الأرض ويتقاعس أصحاب القرار عن قتلهم أو صلبهم أو نفيهم من الأرض أو قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف عقوبة الإفساد في الأرض قاسية لما يترتب على هذا السلوك المشين من ضرر كبير على المجتمع, وتعطيل مصالح الناس, وتحريك المياه الراكدة أمام ضعفاء النفوس الذين قد يدفعهم الشر في أنفسهم إلى الاقتداء بأولئك المفسدين فيكون للفساد كيان متحرك في كل زوايا المجتمع كم سيكون عدد هؤلاء أمام شعبٍ بأكمله؟! وهل من العدل أن تتحكم ثلة مفسدة بأمة؟.. تتكرر مشاهد الفساد مثل إعلانٍ تجاري ممل لا يسعى إصحابه إلى تقديم سلعة أو خدمة بمواصفات راقية بقدر ما يسعون إلى الإعلان عن وجودهم أمام منافسين آخرين ليسوا أقل من مادة ولكنهم أقل حضوراً ومعنوية.
تكرار الأخطاء الجسيمة وبصورة أكثر جرأة في كل مرة لا يدل على قوة هؤلاء بقدر ما يدل على ضعف الدولة التي تسعى لإثبات وجودها عبر ترقيع صورة الماضي بأشلاء الحاضر, وهذا قد يجعل الصورة أقبح بكثير مما يمكن تصور.
الانقطاع المتكرر للمياه, والضرب غير المتوقف لأبراج الكهرباء, ومحاولة تعتيم الوضع ووضع الرأي العام أمام خيارات محدودة ومتفق عليها خلف كواليس الوضع الراهن.. أمور أصبحت لا تخدم القرار الشعبي ولا تهيء لقرار حكومي صائب, اللهم إلا في وجود تلك الروزنامة من التوجهات السياسية المختلفة التي تتفق في منتصف المسافة وتختلف في نهايتها!
المفسدون ليسو خارج الخارطة السياسية, لكن أيضاً لا ينبغي أن يكونوا داخلها, ولا نعتقد بوجود حلول مرضية لجميع الأطراف بعد أن أصبحت الكفة بهذا الثقل وهذا الوزر من الفساد.
لو أن لنا بهم قوة لأقمنا عليهم حكم الله في كتابه, ولكان هذا رادعاً قوياً وكافياً لسواهم ممن يتخذوهم مثلاً وقدوة.
وقد يكون للساسة حسابات أخرى, لكنهم لن يكونوا أصدق في الحق من شريعة سماوية صاحبها خالق الخلق وملك الملوك, والخلل في حقيقة الأمر لا يعود فقط لأطماع طغت على مساحة إيثار, بل في حقوق وواجبات تركها العامة والخاصة, كم من بريء لبس ثياب الإدانة, وكم من مجرمٍ مفسدٍ يختال بثياب الحرية فوق رؤوس الأشهاد.
كم من صغير ترتبت على رأسه يد كبير, وكم من جائع لم تمتد إلى معاناته يد التراحم الاجتماعي, وكم من تائهٍ لم تصله رسالة العدل التي جاء بها الإسلام, كم من المظالم قسمت ظهر بعيرنا الإنساني وما من مجيب..
لو أن لنا بهؤلاء قوة لضربنا على أيديهم بقوة الحق ولزهق باطلهم وذوت جذوة إفسادهم, لكن بيننا من ذوي الدفع المسبق من يقف حارساً على مقابر الشر, فهل من وطنية حقة؟!..
ألطاف الأهدل
لو أن لي بهم قوة! 1479