إقامة الدولة المدنية الحديثة, أحد الأهداف الرئيسية للثورة الشبابية السلمية, لكن يبدو أن ذلك الهدف يصعب تحقيقه عملياً أو على الأقل على المدى القريب لأن المعطيات على الأرض تقول ذلك, الذي نراه في الواقع أن قانون القوة لا يفوق قوة القانون لأسباب كثيرة منها ـ على سبيل المثال وجود بقايا النظام في مؤسسات الدولة المختلفة المدنية العسكرية والأمنية. انفلات أمني ملحوظ تقطعات, اعتداءات متكررة على مصالح الوطن من ضرب للكهرباء, وأنابيب النفط والغاز, وعمليات إرهابية ضد منتسبي الجيش والأمن واغتيالات تتم في العاصمة صنعاء, وبقية المدن اليمنية وفي وضح النهار.. تعلن وزارة الداخلية أسماء من يقومون بضرب أنابيب النفط والغاز, وأبراج الكهرباء ولكن دون إعلان عن إلقاء القبض على أحد منهم, وتقديمهم للعدالة فأي عجز هذا للأجهزة الأمنية بل أعلنت هذه الأجهزة أنها في إجازة مفتوحة ـ كما حدث في مصر أيام الرئيس مرسي, وهذا يدل على أن غرف عمليات النظام السابق هي من تدير عمليات الفوضى في المؤسسات لتظهر عجز الحكومة عن القيام بواجبها. والواضح أن السلطة المحلية ـ ممثلة في المجالس وقيادات المحافظات ـ هي اللاعب الرئيسي في الانفلات الأمني وعمليات الفوضى في المؤسسات فكيف يتعرض باص أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية عمران لعمليات تقطع واختطاف على بعد أمتار من مبنى المحافظة والنقاط العسكرية, ويتم إنزال أعضاء هيئة التدريس من الباص وتوجيه الإهانات وتخويف النساء؟ ويحدث هذا أكثر من مره, ويتعرض كذلك موظفي الجامعة لعمليات تقطع وإطلاق الرصاص ونهب الباص دون أن تكون هناك ردة فعل من السلطة المحلية, وقيادات المحافظة في عمران!! أليس ذلك تقاعساً متعمداً تقوم به السلطة المحلية في المحافظة, بل وصل الأمر في ذلك عند تقديم أعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعة شكوى إلى النيابة, والجهات الأمنية, تقوم قيادات اللواء 310 المرابط في عمران بحماية المتهمين بعمليات التقطع, واختطاف الباصات وتمنع النيابة من الدخول والتحقيق مع المتهمين, فهل هذا هو الدور الذي يجب أن تلعبه قواتنا المسلحة والتي وقفت إلى جانب الشعب, وأيدت الثورة الشبابية السلمية, أما السيد المحافظ فيرى أن الموضوع ينتهي عند استرجاع الباصات المنهوبة, أما قطاع الطرق فليس من الضروري تسليمهم للنيابة, ولو كان هناك تقطعاً وإطلاق نار على شيخ أو زعيم قبيلة, أو مسؤول كبير في المحافظة أو أي مؤسسة حكومية ستقوم القيامة وتعلن حالة الطوارئ, أعضاء هيئة التدريس يتعرضون للتقطع والتهديد, وإطلاق نار عليهم أكثر من مرة, هذا ليس بالمهم لأن قانون القبيلة ـ من وجهة نظر المحافظ ـ يتضمن ذلك!! وقانون الغاب هو السائد وقتل إمرءٍ في غابة جريمة لا تغتفر, وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر. وعليه يتوجه أعضاء هيئة التدريس وموظفو جامعة عمران بنداء عاجل إلى رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق بأن يتعاملوا مع قضايا الوطن بنفس المكيال وليس بمكيالين. تتوقف الدراسة في جامعة صنعاء بضعة أيام فيتم تشكيل لجنة من مجلس الوزراء للنزول الميداني وتقصي الحقائق, أما جامعة عمران عندما تتوقف الدراسة لأكثر من شهر وخروج أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب بتغير رئيس الجامعة, ونائبه, منذ سنوات ولا يتم النظر إليهم, علماً بأن رئيس الجامعة ونائبه لا يداومان في الجامعة ما يقارب سنة كاملة ويبدو أن أبناء وطلاب جامعة عمران من الدرجة الثانية. ولا زلنا نعول على حكومة الوفاق بعد الله, ونترككم لضمائركم الحية كي تنظروا إلى قضايا الوطن بعين واحدة. و في الأخير نذكر الجميع أن الله خلق الكون وأوجد القوانين التي تنظم حياة البشر, ومنها قانون الثواب, وقانون العقاب, وإذا لم تطبق هذه القوانين فسوف تتحول حياة البشر إلى غابة مليئة بالوحوش الغلبة فيها للأقوى, ولن تقوم الدولة المدنية الحديثة وكنا نتوقع أن يكون حرص المحافظ على سلامة أعضاء هيئة التدريس ومنتسبي الجامعة بقدر حرصه على عدم تسليم العصابة التي قامت بضرب الرصاص ونهب الباص, لأن المحافظ أتى من رحم الثورة.
د. محمد الفتاح
الفوضى والدولة القبلية لا الدولة المدنية 1394