أيها المناضل: أعرف أن القلب مكلوم.. والكاهل مثقل.. والجرح ثخين.. وأعرف أن العزم يصارعه الوهن والصبر يغلبه الشجن واليأس يعبث بالأمل والفجر الجديد يخالط ألوان شفقة خطوط الليل الأسود الكالحة.. وأعرف أيضًا طول الطريق، ووعثاء المسير، وكيظ الوقوف، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد.. أيتها الحبيبة: أعرف لوعة الشوق وغصة الحنين إلى الضحكات والهمسات والحكايات، بل حتى إلى المشاجرات.. أعرف قسوة الذكريات ومطاردة تلك التفاصيل الصغيرة اللحوحة صباح مساء.. والأحلام! وما أدراك ما الأحلام ففيها يتحقق المحال وتكون اللقيا على أرض السراب؛ حيث لا ظلم ولا ظلمات ولا وجع ولا آهات.. أيها الأخ والصديق: أعرف ذاك الخيال العنيد الذي يتمثل لك بين كل الوجوه في إصرار عجيب. تتوقف برهة يستنكر فيها عقلك.. "لا محال الموتى لا يرجعون" ثم تتغافل متعمدًا وتسترق النظر إلى ذاك الطيف الخفي عله يشفى قليلاً من الشوق.. أعرف ذاك الصدى الذي يأتيك دومًا كأنه آت من واد سحيق يردد جل الكلمات والألحان وإن غاب الحادي أيها المصاب: أعرف أنك قد أثقلك الوجعان، وجع مصابك في بدنك ووجع مصابنا في وطننا. أيتها الأم: أعرف مقدار الوجع وبراءة الأطفال المتسائلة تقطع أوصال القلب وتمزقه، أعرف حيرتك واضطرابك من مستقبل مجهول غاب عنه قائد مسيرتك وشطر القلب والعقل ورفيق الدرب.. أيها الأب: أيها المكلوم بفقد الزهرة وانطفاء النور وانتهاء حلم والد العروس أيها المفجوع في فلذة الكبد وعضد الشيب وفخر الشباب، أيها المربي والمخطط والحافظ لكنز سرق منه قهرًا وظلمًا، أعرف القليل عنك أيها الابن: أعرف أن قناع بأسك الخارجي تخفي خلفه ألمك.. تؤثر الصمت والثبات وتنتزع الراية بقوة وتتقدم للقيادة ومازلت بعدك حديث عهد بذلك.. أيها المطارد: أعرف أنه مأمن عادتك الاختباء ولا من شيمك الجبن ولكن بطش الظالمين غاشم فصبر جميل.. أيها الأسير: أعرف أنهم قيدوا اليدين الطاهرتين فيا ترى قدروا على القلب الذي لم يخضع لقيد أبدًا؟ أعلم أن الأسر في يومنا هذا نيشان الكرامة.. أيها الشهيد: تتراءى لنا فرحًا ضحوكًا بما أتاك ربك، مستبشرًا بالذين لم يلحقوا بك.. من تعرف من ربك أنهم قادمون إليك تنتظرهم وينتظرون علي العهد، أيها الداعي: أعرف في الخلوات دمعاتك واسمع أصوات صلواتك وضراعة ابتهالك "إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي ولكن عافيتك هي أوسع لنا ". لكل هؤلاء ولأجلهم فقط, نهنئهم وأنفسنا بالعيد.. فلولا هؤلاء ما كان للعيد أن يكون, لولا هؤلاء ما عشقنا الأرض التي أنجبتهم ليقدموا لها الغوالي لتظل عزيزة أبية.. لولا هؤلاء لضاق علينا هذا الوطن بما رحب... لكم أيها الكرام نتمنى أن يعود العيد على آهاتكم وأحزانكم كالبلسم الشافي ويعود على مصرنا بالعزة والنصر والحرية والرفعة ويعود على الخائنين الانقلابيين بالخسر والعار والقصاص في الدنيا والآخرة ويعود وآمال الشهداء محققة.. لكم أيها الكرام أقول عيد سعيد
د.علياء علي
للأحرار فقط.. عيدكم سعيد 1353