البعض يسمعني أتحدث عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر- رحمه الله- وكيف كان له الفضل بعد الله في ثبات ثورة 26 سبتمبر واستمراريتها بدعمه اللامحدود للثورة اليمنية بالمال والرجال والسلاح، ودوره في تحرر الشعوب العربية في مختلف الأقطار، وبمجرد سماعهم مني ذلك قالوا هذا ناصري يخفي ناصريته.
البعض الآخر: يسمعني أتحدث عن الشهيد البطل صدام حسين بإعجاب وعن مواقفه العروبية الصادقة واحتضانه للطلاب اليمنيين ومعاملتهم معاملة العراقيين، وكيف انه استقبل مليون مصري للعمل بالأرض العراقية، ودعمه السخي لليمن وكذلك دعمه لدول المواجهة مع إسرائيل وانه الرئيس العربي الوحيد الذي وصلت صواريخه إلى قلب إسرائيل، وما استهداف الغرب وأمريكا في الوقت الذي يحمون زعماء عرب آخرين إلا لعلمهم وإدراكهم بأنه الأصدق مع أمته وكانت عدوانيتهم عليه وانتقامهم منه ومن العراق عبارة عن شهادة براءة لكل مواقفه ، ثم كانت تلك النهاية التي أرادها الله له، وقتله من قبل المجوس في يوم عيد المسلمين، وهو ثابت ثبوت الجبال لم يرهبه حبل المشنقة وهو يتقدم اليه بخطوات واثقة مرددا : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكانت خير خاتمة في أفضل يوم من أيام الله" يوم عيد عرفة، وعندما يسمع البعض مني هذا الكلام يغمز لأصحابه ويهمس لهم محمد بعثي وقد ثبت ذلك بالدليل القاطع ومن خلال كلامه هذا الذي لا يحتاج إلى أي إثبات آخر..
ويأتي آخرون ويسمعونني أتحدث عن مناقب الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وكيف كان يتعامل مع اليمنيين وكيف احتضنتهم المملكة في عهده ووجه بمعاملتهم معاملة السعوديين في حق العمل والعلاج والدراسة والإقامة الحرة التي لا يسترق بها الأخ آخاه وإلا الجار جاره ، وكيف كان موقفه من القضية الفلسطينية ودوره البطولي في حرب العبور عام 73 م التي انتصر بها العرب على إسرائيل, فكان حقاً بطل الحرب الأول.. فيقول بعض ممن يسمع كلامي هذا عرفنا حقيقة الرجل انه عميل سعودي وكلامه هذا هو الدليل.
وعندما أتحدث عن دولة قطر ومواقفها التاريخية مع اليمن ودعمها للتنمية، وكيف أن موقفها عام 94م كان هو الدور الفاعل بالحفاظ على وحدة اليمن التي كانت مهددة من دول الجوار دعما لموقف البيض الذي اعلن الانفصال من محافظة حضرموت ، وكيف أن المغترب اليمني في قطر يحظى برعاية عالية وبمعاملة راقية وأخوة صادقة أقول ذلك من خلال تجربتي الشخصية وإقامتي في قطر لسنوات طوال فكان لها الفضل عليَّ وعلى إخواني المغتربين بتوفير مستوى العيش الكريم والفرص الدراسية إلى اعلى المستويات ، وكيف أن دولة قطر إضافة لدعمها لكل الوطن خصتنا نحن أبناء تعز بمشروع مدينة حمد الطبية الذي سيكون له دوراً كبيرا في رفع المستوى الصحي لأبناء تعز خاصة والأبناء المحافظات المجاورة وكل أبناء الوطن عامة ، وهذه الدولة الشقيقة سبق أن أنشأت مستشفى خليفة الطبي بالتربة منذ الثمانينات والذي لا زال يعمل حتى الآن، فيسمع البعض ذلك ويستخلصون أن الحميري في وادي قطر بسبب الفلوس القطرية والمصالح الشخصية.
والبعض يسمعني أتحدث عن حكيم اليمن الأستاذ ياسين سعيد نعمان وعن مواقفه الوطنية التي لا تتزعزع، وتحمله المشاق والمعاناة طوال سنتين ماضية منذ عام 94 م ولم تعلن له قناة أو يفت له عضد ولم تتحول مواقفه ولا يعرف الابتزاز أو الانتهازية.. يسمع البعض مني ذلك فيقول الخبير اصبح في وادي جديد وقد تحول اشتراكي خالص.
واذا ما تحدثنا عن المظالم التي حدثت في المحافظات الجنوبية بعد حرب 94 م وكيف سرح الكثير من الجيش والأمن دون أي مسوغ قانوني وكيف تم العبث من قبل البعض بالأرض والمقدرات واصبح المواطن في هذه المحافظات يشعر بالقهر والحرمان والاغتراب وهو في وطنه ، مما جعله يصب جام غضبه على الوحدة المفترى عليها، هذا الكلام يلقى قبولا لدى البعض ولكنه يغضب البعض الآخر ويندفع معدد إنجازات الوحدة وقائدها وفضلهم على المحافظات الجنوبية وان ما نقوله ما هو إلا مزايدة ودغدغة لمشاعر أبناء المحافظات الجنوبية ، وأننا بكلامنا هذا وأمثالنا سببا مساعداً في تصعيد وتيرة الحراك ، أما اذا انتقلنا للحديث عن الأخطاء التي حدثت في المحافظات الجنوبية بين الأطراف المتصارعة منذ عام 67 م وما حصل لجبهة التحرير من قتل وتصفية مرورا بمصير الرئيس قحطان الشعبي عام 69 م وطرد عشال والهبيلي ورفاقهم، وما حصل لسالم ربيع علي بعدهم بسنوات وقبله قتل خمسة وعشرون دبلوماسيا بتفجير طائرة وهم فيها وغيرها و غيرها إلى أن وصلنا إلى أحداث 13 يناير 1986م والتي كانت كارثة حقيقية قسمت أبناء الوطن الواحد إلى زمرة وطغمة وقتل فيها كبار القادة والمنظر ين ، وخرج اعلى رأس في الوطن (الرئيس علي ناصر محمد) وزمرته من الحكم نهائيا ولجئوا إلى شمال الوطن، ولازالت آثار الجراح حتى الآن ، هنا يثور علينا من وافقونا بالحديث عن السلبيات التي رافقت الوحدة ويشتط غضبهم في مغالطة واضحة للتاريخ ولأنفسهم ويوجهون الاتهام بأننا عملاء للنظام القديم بينما يعجب بالحديث من غضب علينا في بدايته،
البعض يسمع مني الحديث عن الجيش المؤيد للثورة وعن اللواء علي محسن وكيف انهم كانوا سبباً أساسياً في حماية الوطن من الانزلاق إلى حرب أهلية, كونهم أوجدوا توازناً جعل النظام يراجع حساباته وجعله لا يتهور في بطشه ومغامراته في موقف لا يستطيع توقع نهايته، وكانوا درعاً لثورة الشباب السلمية، رغم أني أردف القول إننا بكلامنا هذا لا ندعو ولا نرضى ان يكون أي طرف بديلاً للنظام الذي ثار الشعب ضده مهما كان دوره مناصراً لثورتنا ، كون هذه الثورة قامت لتأسيس وطناً يسوده العدل والمواطنة المتساوية ، وان تكون إرادة الشعب هي الحاكمة من خلال صناديق الاقتراع المعبرة تعبيرا حقيقيا عن إرادته ، ولكننا نذكر هؤلاء القوم من باب الوفاء لهذه المواقف التي جنبتنا أن ندفع مزيداً من الدماء والكلفة ،، فما يكون من بعض الذين يسمعون منا ذلك لا أن يقولوا هؤلاء من اتباع على محسن والحصبة.
وعندما اثني على القاضي احمد الحجري محافظ إب وكيف أدار الأمور بمحافظته بحكمة وبروح المسئولية وبحرص شديد على الدماء والأنفس والأعراض أثناء الثورة الشبابية السلمية ، فجنب هذه المحافظة الثائرة الويلات التي وقعت بها بعض المحافظات ودفع فيها كل الأطراف الثمن .. هنا يتدخل البعض فيقول محمد لا زال من بقية النظام ولا زال ولاؤه للنظام القديم وكلامه هذا اكبر دليل.
وعندما أتحدث عن الإخوان المسلمين ومعاناتهم منذ عشرات السنين وهم صابرون محتسبون ، وكيف كان لهم دوراً فاعلاً في ثورات الربيع العربي وقدموا التضحيات وتحملوا أعباء شاقة ، وعندما تهيأت الظروف الديمقراطية والانتخابات الحرة نالوا اغلب مقاعد مجلسي النواب والشورى في اكبر دولة عربية '" مصر" وختموا ذلك بالفوز برئاسة الجمهورية ،، ولان الثورات المضادة لا تريد لربيعنا العربي النجاح ، تم الانقلاب على هذه الشرعية وقتل الكثير من قياداتهم وأبنائهم وقتل الآلاف من المعتصمين السلميين ظلما وعدوانا وزج بالمئات بل بالآلاف إلى السجون ظلماً دون ذنب اقترفوه ، سوى انهم ينشدون الحرية ويدافعون سلميا عن الشرعية ، هنا تثور ثائرة البعض فيقول : محمد "إخواني متعصب" كان مدسوساً في المؤتمر فعاد إلى قواعده.
الأخوة الكرام كل ما قلت آنفا عن كل الأطراف التي ذكرتها خذوا مني عهدا أني كل كلمة كتبتها كنت مدركا لمعناها ومؤمنا بها ومنسجما مع نفسي بالتوافق معها مقتنعا أني أتحدث بتجردٍ تام بعيداً عن أي تأثيرات انتماء لأي جهة أو دفعا من أي طرف، وقد أكون مصيباً فيما وصفت به كل جهة وقد أكون مخطئا ، ولكني شخصيا مقتنعا بما قلته إنصافاً للحق الذي أراه من وجهة نظري ، ولست مسئولاً عن وجهات نظر الآخرين ، ولا اعتقد أن كلامي هو الحقيقة المطلقة ، واعتقد أن الذين يصنفون الآخرين من خلال ما يقولون أو يكتبون ، فإنهم تربوا على أن يروا الآخرين من خلال منظارهم الضيق ولو وسعوا النظرة لوجدوا المبررات المنطقية ، بحيث لا يكون التصنيف قطعي اسود أو ابيض ، معي أو ضدي ، اعتقاداً من البعض انه لا يثني على ناصر إلا من كان ناصرياً ولا يعجب بواقف صدام إلا بعثياً ، ولا يجل ياسين إلا من كان اشتراكيا ، ولا ينصف الإخوان إلا من كان إخوانياً ، بل الواجب الانفتاح على الجميع واستيعاب بعضنا بعضا وان نتعامل مع بعضنا بإنصاف مهما كانت وجهات النظر متباينة، فالحقيقة المطلقة لا يعلم بها إلا الله، فنحن بشر فينا جوانب حسنة تستحق الثناء والإعجاب، وفينا جوانب سيئة وأخطاء وقصور يجب أن نتناولها بالنقد البناء والنصيحة الصادقة، ونوحد مواقفنا في الأمور المتفق عليها وهي الغالب الأعم في واقع حياتنا ، وفي مقدمتها حبنا لوطننا والحفاظ عليه وعلى وحدته وامنه واستقراره.
( اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه )
*
عضو مجلس النواب
عضو مؤتمر الحوار
محمد مقبل الحميري
هذا هو انتمائي الحزبي! 1654