يمضي ربيع الثورات العربية نحو المستقبل في خطى متغيرة وآليات جديدة وإرادات شعبية تتسم بالوضوح حيناً وبالغموض حيناً آخر، لكن ما هو مصير الثروات العربية في خضم هذه المعركة الإنسانية من أجل التغيير؟.
لاشك أن الثروة البشرية العربية تعيش أسوأ إخفاقاتها في إثبات الصدارة الفكرية وإحياء الإنسان كفكرة مستقلة عن أي متغير بيئي. ففي ظل رؤية اقتصادية سائدة يصبح من الصعب البحث عن وطن فكري لإنسان العصر الذي وجد نفسيه مضطراً لركب موجة تغيير عابثة بدأت منذ السبعينات ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
ما مصير ثروات عربية تستغلها ذات القوى المتحدثة باسم السلم الاجتماعي وحقوق الإنسان وضرورة التعايش بين الأديان؟
تستغل تلك القوى قدرتها على رقابة المجتمعات العربية والإسلامية مراقبة مباشرة، بل وتستغل أيضاً وجود قوى داخلية تشاطرها أهدافاً استراتيجية غامضة قد لا نلمس آثارها اليوم ونحن نعاني آلاماً ثورية مبرحة ألهتنا عن التفكير في سواها من آلام الأمة.
جلياً استغلال ثورات الشعوب المنتفضة ضد الظلم والتي لم تجد إلا ظلماً إضافياً حال بينها وبين التنبؤ الصائب بوحدة المصير الجمعي، وسيتم استغلال ثرواتنا العربية كما تم استغلالها من قبل في ظل الديمقراطية الجديدة التي لم تكن الشعوب العربية الفتها بعد خاصة وإنها جاءت إثر انقلابات وخيانات عظمى وحروب أحرقت معاني الولاء النخبوي وأتاحت الفرصة أمام عملاء الإنسانية لغرس بذور التطفل والاستشراء الغربي في أوصال الأمة اليوم يلعب أعداؤنا في الداخل والخارج دوراً واحداً لتحقيق أهداف واحدة، قد لا تكون واضحة في الداخل لكنها كذلك في الخارج، حيث يبرع الأعداء هناك بتشريح الأمة وفق آلية شرسة، لا تحاول الوصول فقط إلى منابع الثروة وتجفيفها وإنما تتسع دائرة أطماعها إلى أكثر من ذلك بكثير.
وبعد، فإن لثرواتنا العربية ليست بحاجة إلى ربيع ساخن لتكون على قائمة الاهتمامات في أجندات الأنظمة العربية أياً كان نوع تلك الثروة، ومن المهم أن يدرك النظام في أي من تلك الدول أن التقسيم العادل للثروات هو القرار الذي لم تتخذه بعد، ولو أنها اتخذته منذ وقت مبكر لما سمعنا بثورات ربيعية ساخنة تبحث عن حائطٍ جليدي آمن!
ألطاف الأهدل
ربيع الثورات العربية 1442