في هذا الوطن فعل رجال كثيرون كل ما يستطيعون لآخرين لم يفعلوا ما كان باستطاعتهم فعله، رجال حبسوا أنفاسهم للخروج بأقل الخسائر، وآلى آخرون إلا أن يحققوا مصالحهم ولو كان الثمن أرواح آخرين.. وفي هذا الوطن أيضاً فعلت نساء فعل الرجال، لم ينتظرن أن تقدم لهن الدعوة وإنما استفزهن الإحساس بالوطنية فقدمن في سبيل الوطن كل شيء، كل شيء حتى فلذة الكبد الذي انتظرت كل أم منهن أن يشتد عوده أمام عينها فتذوق حلاوة التربية بعد عناء العمر الطويل..
وفي هذا الوطن من بارت تجارته وفقد ثروته وأصبح بين عشية وضحاها لا يملك إلا قوت يومه أو يكاد، طلباً لكلمة حق ترتفع وراية باطل تسقط حتى تخرق الأرض.. ومع كل هذا فلا زال هناك من يتغافل عن أدوار بطولية ومواقف وطنية صامدة عاش تفاصيلها أحرار من رجال ونساء الوطن ولم يكن بأيديهم إلا أن يقدموا أنفس ما لديهم حباً وطاعة..
لازال هناك من يتشدق بنواصي الأيام الخوالي فاغراً فاه لهوام الأرض مدعياً ومتلفظاً بالزور والبهتان ومشككاً في أفعال الناس وسلوكياتهم وكأنه يعلم خفايا صدورهم.. ولمثل هؤلاء نقول: الشهامة ليست أثواباً، والوطن ليس راحلة، ومن لا تستطيع أن تحاكيه وشفوق على سلوكه باقتفاء أثر المعالي بعده، لا تحاول على الأقل أن تقف في طريقه لأنك الوحيد الذي سيتعثر، أما مثل هؤلاء فهم باقون على مبادئهم الراسخة رسوخ الجبال ولن يحول الليل الطويل بينهم وبين الوصول إلى فجر جديد، فجر لا يشبه فجراً ولى وهم في زنزانة الصمت تتناوب آهاتهم على البقاء يقظة حتى لا يظن التاريخ أنهم ناموا عن نقش أسمائهم على جدرانه السامقة.
في الحياة من حولنا رجال ونساء قد لا تملك أيديهم مالاً أو جاهاً، لكنهم يملكون ما هو أثمن من هذا كله، العزيمة التي خارت قواها في قلوب كثيرين وبقيت كنزاً في قلوب هؤلاء.
ألطاف الأهدل
الكنز....! 1417