مع إشراف مؤتمر الحوار على الانتهاء من مهامه، تصاعدت الأحداث التخريبية في كثير من المحافظات وبشكل مكثف وبعمليات نوعية، أكثر تركيزاً وإيلاماً، مما يؤشر أن من يقف وراء هذه الجرائم هدفه بالدرجة الأولى إفشال مؤتمر الحوار، والقضاء على مخرجاته قبل أن تشاهد النور، لأنها لا تخدم مشروعه الخاص، ولا تلبي طموحه، بل أن نجاح هذا المؤتمر سيقضي على ما تبقى له من أمل، فبينما كان في الأسابيع الماضية تستهدف خطوط الكهرباء الناقلة عبر خبطات، ورغم أن ذلك يكلف الدولة الكثيًر ويجعل المواطنين وفي مقدمتهم الأمراض الذين لا غنى لهم عن الكهرباء مثل أمراض الفشل الكلوي يدفعون أثماناً غالياً ومعاناة شديدة، إلا أنها كانت سرعان ما يتم إصلاحها ، بينما في هذه الأيام استهدف برج الكهرباء وقلع من جذوره بعمل تخريبي إجرامي غير مسبوق، ورغم التكاليف الباهظة التي ستكلف إصلاحه، فإن الأخطر من ذلك أن إعادة إصلاحه سيستغرق بما لا يقل عن عشرة أيام ، واذا ضرب برج أو أبراج أخرى فإن الظلام سيستمر شهوراً وستغرق البلاد في ظلام دامس، وبالمقارنة أيضاً كان بالأمس تتم اغتيالات فردية لأفراد من القوات المسلحة والأمن، نجد أن هذه الحالة تطورت اليوم إلى اقتحام المعسكرات كما حدث في شبوة يوم الجمعة قبل الماضية ، بل انه وصل الأمر إلى اقتحام مقر المنطقة العسكرية الثانية في المكلا واحتلاله وقتل مجموعة من العسكريين واحتجاز آخرين، وما يحصل في تعز ليس بعيداً عما يحدث في حضرموت، وما اقتحام مقر الإصلاح إلا جزء من مخطط ربما يتم تصعيده في الأيام القادمة.
الشيء الغريب في الأمر هو السلبية في التعامل مع هذه الأحداث آلتي تهدد امن الوطن برمته ، فهذه ليست أحداثاً وحوادث عادية ، وليست مجرد جرائم عارضة . ولكنها ممنهجة ويتم الإعداد لها بدقة وبإمكانيات عالية، والمفترض برئاسة الدولة والحكومة وكل الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تكون على استعداد تام وفي حالة طوارئ لمواجهة مثل هذه الأخطار، وتقديمها على سائر مهامها، كونها أولى الأولويات، ويجب أن تحشد كل الطاقات لمواجهتها وفق إدارة خاصة ودقيقة، فإدارة الأزمات تختلف عن الإدارة اليومية الروتينية للدولة أو الحكومة..
ومهما يكن حجم هذه الجرائم, فإن الأمر مستدرك اذا وجدت العزيمة وصدقت الإرادة ، ولا شك أن المجرمين يعملون بكل طاقاتهم لإرباك الحكومة ليسهل عليهم تنفيذ مخططاتهم، ولكن قليل من التركيز والتنسيق بين مختلف الأجهزة والدوائر الحكومية وتشكيل إدارة خلية أزمة كفؤة وصادقة على أعلى المستويات؛ كفيل بكشف هذه المخططات والقضاء على مرتكبيها وفضح من يقف وراءهم ، وترك الأعمال اليومية الروتينية التي تشغل صناع القرار وتأخذ من وقتهم الجهد الكبير وتستغرق الوقت الأكبر من نشاطهم اليومي، على أن يفوض بها من دونهم في السلم الإداري وفقاً للقانون.. فهل سنرى الجدية في التعامل مع هذه الجرائم ومرتكبيها ونلمس قوة الردع من قبل الدولة تعيد للمواطن الثقة بدولته وحكومته ؟.. نأمل ذلك.!
محمد مقبل الحميري
إنْ لم نصحُ فالقادم أخطر 1335