;
ألطاف الأهدل
ألطاف الأهدل

التوصيف الصحفي.. كيف ومتى؟ 1371

2013-09-17 18:59:00


تصيبنا خيبة الأمل أحياناً حين نحاول أن نؤدي واجبنا ككتاب مع قضايانا المجتمعية والإنسانية, تفترض تلك المشاعر التي تمدنا بسيل المفردات الدافئة وينفذ من قيعاننا ذلك الصدق الذي لا يستطيع كاتب إلا أن يغمر به كلماته الباحثة عن جبلٍ يعصمها من طوفان الخداع والرتابة, إذ لا مفر من الاعتراف بوجود من يصطاد في الماء العكر, ولا فائدة من إنكار وجود الثلة التي تمتهن تزييف الحقائق وتلوين الأحداث وفق رغبتها الخاضعة لأطماع الخارج..
نبحث عن الحقيقة فلا نجد إلا ذلك الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع, نبحث عنها لأننا لا نؤمن بسواها ونتبناها لأنها وجهتنا والهدف الذي نسعى جاهدين إلى الوصول إليه عبر بصيرتنا الأدبية وقبلها بصائرنا الإنسانية.
في الحقيقة تقف الكثير من الصعوبات في طريق الكاتب الصحفي هنا, حيث لا يجد التسهيلات الكافية للقيام بواجبه كما ينبغي, كما أنه وكغيره من أبناء المهنة ذات البنية التخصصية لا يحصل على الحصانة القادرة على حماية الكلمة وحفظ حق الرأي العام.
وبالمقارنة مع حال أهل الصحافة في أوطان أخرى قريبة جغرافياً أو بعيدة تاريخياً نجد أننا في اليمن نعد الأسوأ حالاً في سياسات إعلامية أخرى يجد منتسبوها على الأقل تصنيفاً وظيفياً مناسباً, بينما لا زال الخلط قائماً لدينا بين الصحفي كمحترف في مجاله المهني والكاتب الصحفي الذي يحلل الوضع القائم وفق الرؤية العامة للمجتمع, بين من يستخدم أدواته المحايدة لصناعة مادة صحفية ناجحة ومن لا يملك إلا حدسه وقدرته على عرض الواقع من منظور علمي.
وفي الحقيقة قد لا نحتاج للكثير حتى نتمكن من هيكلة الوظيفة الصحفية حفاظاً على أهمية التدرج في صناعة الخبر أياً كان نوعه, وسواءً كان الخبر مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً, إلا أن له فنونه وأدواته التي تجعله صالحاً لأن يظهر على صفحة ورقية أو شاشة زجاجية تخفي خلف كواليسها ما قد لا تستطيع الصمت عنه نصوص الكتاب والمحللين والمنادين بالحرية الفكرية في أعمدة الصحف.
نحتاج إلى هيكلة صحفية تعيد الاعتبار للباحثين عن الحقيقة في حبر أقلامهم وعدسات كاميراتهم التي غالباً ما تصادر حقهم في الحياة قبل أن يعلم الناس شيئاً عنهم, فهناك من هؤلاء من لا يعرفهم العالم إلا يوم تطوى صحائفهم لأنهم عاشوا خلف العدسات ولم يعيشوا أمامها.
لقد أهدتنا هذه المهنة أجمل ما يمكن أن يكون, وعلمتنا أثمن ما يتعلم المرء, ويكفي أنها جعلتنا رُسل الحقيقة أينما كنا وحينما حللنا.. فما لا يعلمه الناس أننا نمارس هذه المهنة حتى في حياتنا اليومية وخلف جدران من يشاطرنا فكراً واحداً ورؤية واحدة, بل إننا قد نكتب بأسمائنا ثم نعود لنستعير أسماء لا تمت لنا بصلة, بل قد لا يكون لها وجود في عالمنا, وهذا ليس خوفاً من جريمة أو عقاب, بل هو استخدام اللا ممكن الذي جعلته مجتمعاتنا محظوراً أمام حصانة الممكن السياسي.
والسؤال: هل يكون من حق الصحافة أن تحصل على التوصيف الوظيفي الذي يحاكي تلك الطبقة الفكرية السائدة في الوطن العربي كما حظيت السياسة من قبل بالتوصيف اللامنطقي وغير المقبول من أنصار الشرعية القبلية والانتماء الطائفي؟.
لعله يصبح من الممكن أن نقف على أعتاب حقبة إعلامية جديدة إذا وضعنا أنفسنا أمام واقع صحفي متمكن يملك جيشاَ من أصحاب التخصص المهني ويملك أيضاً الأدوات اللازمة لصناعة الرأي عبر سياسة المنبر الحر الذي لا تقف عليه إلا صاحبة الجلالة.
وحتى لا نعود لخيبة الأمل التي تسبق كل عملية إدراك حر نحاول الوصول إليه دون عوائق تذكر, يجب أن نعيد تحليل هيكلنا الصحفي بجدية محاولين إيجاد التوازن بين الفكر المنطقي والفكرة النظرية المنطلقة من واقع الحدث, على أن لا نفقد التوازن الذكي بين ما نحن عليه من الحيادية وبين ما يمكن أن نصل إليه عبر أقلام تكتب وتفكر معاً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد