الابتسامة عطاء الوجوه الكريمة وهدايا النفوس المترفة بالرضا، إنها وميض السعادة الذي تفتر عنه ثغور المفعمين بالسكينة ، فماذا يمكن أن تقول لإنسان يكاد يسحرك فقط بكلمة مصحوبة بابتسامة فاترة، إنه الفن الذي لا ترسمه ريشة والقصيدة التي لا تذهلنا بها براعة نطلقها من أعماقنا والتي لا نرجو منها إلا أن نوقد جذوة الأمل في قلوب الآخرين لتبقى دافئة كما بقيت دافئةً قلوبنا المسكونة بالطمأنينة والسلام.
تدفعنا ابتسامة البعض أحياناً إلى ولوج أبواب المستحيل حتى لو لم نملك شمعة مضيئة، ويدفعنا عبوس البعض وقنوطهم إلى إغلاق أبواب الأمل حتى وإن ملكت أيدينا باقات الحب الملكة بالطهارة...، فالابتسامة إشارة عبور حية ودعوة للحياة لا تعرف الحيلة، وإدارة جذب قوية لا يمكن مقاومتها.
إنها البلسم الذي تنكفيء على إثره الجراح، وتستريح بعد تعاطيه الأرواح ، وتبتل بعد هطوله صحاري النفوس المريضة باليأس والخذلان.. فابتسم ، أبتسم حتى وأنت ترقد في تابوت الروتين والملل كل يوم، ابتسم لأن ابتسامتك تلك قد تقود سواك إلى شاطئٍ آخر وقد كان أوشك على الغرق.
ابتسم حتى لو لم تملك وقوداً كافياً لتوصد شبابيك الهم وتعاظمت أمامك جبال المسؤوليات، إبتسم فلعل ابتسامة واحدة تنسف تلك الحواجز التي وضعتها أنت في طريقك دون أن يجبرك على ذلك أحد.
أبتسم حتى تكون سبباً في إحداث التغيير الذي ننشده لفظاً ونجهله معنى، فالتغيير يبدأ دائماً من الداخل وإذا أصبحت نفوسنا مشرقةً بما يكفي ستشرق ابتسامتنا وسنكون سبباً في إحداث السعادة.
الابتسامة فن وعقيدة وسلوك لا يصنعه إلا أصحاب فكرٍ راقٍ وإرادةٍ قاهرة، فلمَ لا نبتسم ولا زال باستطاعتنا أن ننظر في وجوه البشر ونغدو في طلب الألم أو الخوف أو الجوع؟! لم لا نبتسم في وجوه العاثرين وقد رزقنا الله العزيمة؟! لم لا نكون حمائم سلام وفي الأرض من البشر من نهشت أجسادهم مخالب النسور الجارحة، بينما نستظل دون أجنحة الستر والعافية؟.. ابتسم حتى وإن طاردتك جيوش الخذلان وشعرت أن العالم معمول على جناح بعوضة، حتى وإن استوقفتك راحلة المرض وشعرت بوضاعة من كانوا يوماً حولك وإلى جانبك، إبتسم حتى لا يتوقف الليل على شرفاتك وأنين النهار على أعتابك ويمضي عمرك ولم تصل إلى حياة أو موت، تذكر دعوة أبو ماضي" حين قال:"
قال: الليالي جرعتني العلقمُ
قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقم
فلعل غيرك إن رآك مرنماً
ترك الكأبة جانباً وترنَم
ابتسم فالعاصفة لن تتوقف ، والغيث لن يمتنع عن السقوط، ابتسم لأنه لم يعد في أيدينا إلا أن نبتسم.
ألطاف الأهدل
لم يعد بأيدينا إلا أن نبتسم 1666