جغرافيا الدنيا في اليمن شريط ساحلي ممتاز يمكن أن يكون سبباَ في تحقيق الثراء والرفاهية والمعيشة لهذا الشعب الذي أنهكه الركض خلف لقمة العيش الهاربة إلى أفواه المحظوظين أو من يستطيعون شراء الحظ, ففي اليمن كل شيء يمكن أن يباع ما دامت أسواق السياسة مفتوحة على مدار الساعة.

المخا بنت الساحل الذي تنام عارية حافية من كل ما يستر مساحتها الشاسعة على البحر الأحمر, أكثر المساحات المائية تنوعاً بالكائنات البحرية على وجه الأرض.

شهرة المخا وصلت إلى أقاصي الأرض عبر بضاعة البن الذي ذاع صيته يوماً ما, لكنه أفل كما تأفل النجوم بعد سطوع الشمس, الشيء ذاته حدث مع ابن المخا بعد أن انتشرت زراعة القات وأصبح محصولاً اقتصادياً لا يمكن تصديره ولو على شكل أعلاف مجففة!..

ومع هذا يسطع نجمه كونه المادة المخدرة للطاقة الإنسانية في صدور الناس, فلا شك أن هناك من يسعى لتخدير الشعب وتنويمه ليبقى أسير الأحلام وسجين الأوهام, وإلا فهل تعجز الحكومة عن بسط يدها لهذا الميناء الحيوي والهام؟, هل تعجز عن دعمه بمشاريع استثمارية حكومية وخاصة لتفتح الباب المنافسة الإيجابية الداعمة لتطوير الوطن؟.

هي ليست عاجزة عن ذلك بكل تأكيد, لكنها في انتظار المارد الذي يغادر الفانوس السحري ليحقق لها كل ما تحلم به, ولعلها كحكومة مؤقتة لا تختلف عن سابقاتها من الحكومات التي طال عمرها وقل عملها وها هي في برزخ السياسة لا تحيا ولا تموت!.

المخا كلفظ حيوي يبعث على الفخر والاعتزاز, لكنه كمساحة جغرافية يبعث على الحزن والأسى, لأنه لم يحظى بالاهتمام الاقتصادي في شأنه شأن موانئ ومصائف ومدن يمنية أخرى يقتلنا الحديث عنها وعن ثرواتها الطبيعية المتفاوتة الأهمية دون أن تستطيع أن تقدم حق الوطن ونحن لا نملك حتى حقنا الإنساني.

تحتاج المخا إلى وجود الحس الوطني لدى أصحاب القرار, كما تحتاج أيضاً إلى وجود الفكرة العبقرية والخطة المحكمة والإمكانات المادية والإنسانية الفاعلة, تحتاج المخا كمنطقة ساحلية وميناء بحري إلى حركة إنعاش بحرية, سياحية, اقتصادية, حتى تعود الحياة إلى قلبها المتوقف من جديد, إعادة الاعتبار لحركة الصيد والملاحة البحرية ومنح الصيادين فرص عمل مربحة عبر مشاريع استثمارية فاعلة, لن يكلف الكثير إذا تمت دراسة الأمر وفق رؤية جادة ومؤثرة ومساهمة في الحد من البطالة.

والحال نفسه أيضاً ينطبق على منح فرص عمل لطوابير من الشباب العاطل عبر شريط ساحلي يقدم خدمة فندقية راقية.. لدى حكومتنا الكثير لتفعله ولدينا الكثير أيضاً.. لكنها السياسة, ديدن الأنظمة العربية وقوتها.