دائماً نقول لمن تجمعنا بهم عشرة لا بأس بها من عمرنا الاجتماعي أن بيننا وبينهم( عيش وملح) فلماذا العيش والملح تحديداً؟
لا أحد منا ينكر أهمية الخبز والعيش في حياة الناس, فمهما تناول الإنسان من أضعاف الطعام إلا أنها لا تحدث الإحساس بالشبع كما تحدثه أرغفة الخبز الساخن حتى لو كانت مأدومه بصبغ زهيد.
ولا أحد منا يجهل أهمية الملح في إصلاح الأطعمة التي يسهل فسادها ويخشى من كسادها, فالعيش والملح إذاً مادتان حيويتان في حياة الإنسان ومعيشته.
رغيف الخبز والعيش يشبه بساط الود الذي ينشأ بين اثنين جلسا على مائدةٍ واحدة سواءً كانت مائدة طعام أو كلام أو حتى غرام وهذا خاص بالمتزوجين فقط!
لحظات الود على ذلك البساط المنطرح بسخاء بين يدي هؤلاء ليست كتلك اللحظات العابرة في طابور معيشي مثلاً, لأن الجلوس إلى الآخرين يسهل مسألة التعرف عليهم وقراءة أفكارهم ومعرفة طبائعهم وعروقهم وأنسابهم, وهذا بمجمله يخلق نوعاً من الألفة والسكينة والارتياح في نفوس الناس. وأما الملح فيشبه ذرة الجرأة والجدية والحكمة التي تجعلنا أكثر قدرة على فهم الآخرين واحتوائهم وتحليل ردود أفعالهم بحيادية شديدة وعلى درجة عالية من الإنصاف.
العيش والملح, الود والحكمة, الحب والحذر, القلب والعقل, لذا فإننا حين نجلس إلى الناس على مساحة الوسط بين حب حكيم وعطاء حليم نكون قد ملأنا في أرواحنا مساحة الشغف الإنساني الذي يبقى فارغاً حين نبقى في معزل عن الناس الذين خلقهم الله وخلقنا لنتعارف ونتآلف ويكون بيننا عيش وملح!
بعض الود وشيء يسير من الحكمة والفراسة والفهم يشبه بعض الخبز الساخن الذي تعادلت مع ذراته رشة الملح، فأصبح متفقاً مع حاسة ذوق راقية ميزت الإنسان من سواه من المخلوقات، كما ميزته حاسة الحب الذكي التي نعرف عبرها من تحب قلوبنا ومن تحبنا قلوبهم.
ألطاف الأهدل
عيش وملح...!!! 1869