ينبغي على كل القوى السياسية والإعلامية والتي تتأخذ من مكانتها ومنابرها مسلسلات من التحليل والاجتهاد والتعصب والتعنت مع طرف ضد طرف آخر.. يجب على الجميع أن نستشعر عظمة الأمانة والمسؤولية أمام الله وأمام الإنسانية والتاريخ.. في تحري المصداقية والإنصاف والبحث عن الحقيقة مهما طغت علينا الظروف.. وخاصة عند حدوث الأزمات وتفاقم الأحداث والمواجهات أياً كانت شكليتها ونوعها.. كانت بزخم السياسة أو بنموذج الاختلاف الفكري أو المذهبي.. بعيداً عن التعصب الأعمى والجحود والعناد الذي يثمر إلا الشر والانقسام.. ربما جميعنا نحمل منهج رباني وإنساني وأخلاقي يجب أن نلتزم ونقتدي فيه.. وخاصة عندما تخلط الأوراق في واقعنا وتتراكم موجات الإعلام في أذهاننا.. والأكثر خطورة أن نرى اليوم الانقسام الحاد في الأوساط العربية السياسية والفكرية وحتى الإسلامية المنظمة.. من تبعات وإملاءات تقود الأمة إلى التنافر والشقاق والضياع.. فلا مانع أن يتم التنافس والسباق الساسي والفكري ولكن.. لابد أن يكون في اطار المحدود وتقبل الوضع والاعتراف في مشروعية الآخر.. فكان من الضروري أن نميز ونتعرف ونبحث عن الحقائق والوقائع وندرك مخاطر المؤامرات التي تستهدف الإسلام السياسي والمشروع الديمقراطي ربما في مصر اليوم وتونس وغيرها من البلدان التي تحوي مثل هذه القوى المعتدلة التي ربما نجحت في الوفاق بين الدين والدولة والسياسة واستطاعت أن تفوت كل المؤامرات ضدها بحجة التطرف والإرهاب.. فمثل هذا الفصيل السياسي وعلى نموذج الديمقراطية مع تبنيها كل المراحل التي توطد الحرية والتخلص من الأنظمة الديكتاتورية.. وها هي اليوم تدفع الضريبة وتدفع ثمن ذلك وتقدم نفسها قربانا ثمنا للحرية والكرامة ..ليس لنفسها فقط.. ولكن لكل القوى التي تبحث عن الحرية وترسيخ الديمقراطية.. فكان يجب على كل المتابعين والمتأثرين والمتعاطفين والمتعصبين والمواليين لأفكار وثقافات مختلفة.. يجب .. أن نستمع للجميع ..ونشاهد للجميع.. ولكن في الأخير يجب أن نحتكم إلى العقل والمنطق مهما طغت علينا عصبية الجاهلية والمتغيرات السياسية.. فهناك طرف وفصيل وقوى صودرت حقوقها. وهدرت كرامتها. وحبست قياداتها.. وزهقت أرواح خيرة شبابها.. وحملة إعلاميه ظالمة تحاك بأخلاقيتها ومبادئها.. واتهمت بالإرهاب.. والسبب.. ربما الجميع يعرفها.. ولأنهم يطالبون عن حق لهم مسلوب.. وليس العكس.. مثل ما تروج له وسائل الإعلام المتآمرة على الانقلاب.. فمثل هذه المشاهد ربما لا يستطيع أحداً أن ينكر أو يتهرب عن وضوح الحقيقة مهما حاولنا أن نكابر.. ونعاند ونحاول أن نبحث عن أقاويل ومنافذ إعلاميه تبرر لنا مواقفنا المغلوطة ..
فكان لابد لهذه القوى الانقلابية أن تسعى لإيجاد تحالف عربي ومحلي بعد أن فقدت مصالحها وفشلها في الميادين السياسية واستشعار بتوسع المد الثوري إلى البلدان المجاورة وخاصة الخليجية. فحاولت من خلال التحالف مع قيادة الدول والقوى التي تحكم شعوبها على الصكوك الانتهازية والوراثية وعدم القبول بالآخر.. أن تدعم وتخطط للانقلاب وإجهاض ثورة 25 يناير المصرية والانقلاب على أم الثورات العربية وعلى أم الدنيا وعلى أم الحضارات التي من المؤكد أن تقود البلدان العربية إلى التحرر من العبودية واغتصاب الشعوب من حكم العسكر وحكم الملوك.. وحكم الأمريكان.. وبنموذج عسكرة الدولة المصرية واقتيادها إلى المجهول وعلى حساب دماء المصريين الأحرار المسالمين وبثمن بخس مليارات خليجيه.. لعلها تطفي لهيب الثورات القادمة.. والاحتفاظ بزعامة الأمة العربية والإسلامية.. وربما الجميع يعلم مشاريع مثل هذه الدول والقوى هي من خذلت الشعب العراقي.. ثم السوري ..ثم المصري.. ومحاولة عرقلة المد الثوري الإسلامي القادم. والتفرد بالحكم العربي والإسرائيلي على حداً سواء.. فمثل هذه المفارقات والمتغيرات كان من الضروري وعلى كل الأحرار والشرفاء أن ينظروا ويعتبروا بعين المسؤولية والأمانة والمصداقية.
فأقول لمثل هذه القوى العقيمة: كيف تنظرون, وكيف تحكمون, وكيف تشاركون في قتل الشعوب بكلماتكم وبأموالكم, وبإعلامكم وأفعالكم وأعمالكم, ونياتكم, وأنتم لا تشعرون؟.. والله المستعان.
د/فيصل نعمان الإدريسي
مالكم كيف تحكمون!! 1422