عار عليك يا مصر أن يقال بأن جيشك قتل أبناءه, بل حرقهم وفحم جثثهم.. بل عار عليك أن تحرق جدراناً لمجرد أنها شهدت الصلاة والذكر فيها وصعدت أرواح طاهرة من بينها وتناثرت دماء ذكية على أرضها وما ذنبها إلا أنها كانت مأوى لأجساد فاضت روحها إلى بارئها لا تملك من أمرها شيئاً.. إلا أنها كانت تأوي نفوسًا تحتمي ببيت الله وتطبب أجسادًا أصابها رصاصك.
بل عار عليك يا مصر أن تشيع جنازة من دفعتي بهم لقتل إخوانهم وتزفيه في حشد أداء الواجب وشهيد الواجب ولا أدري أي واجب كلف به, هل طلق الرصاص الغادر على مصري مثله مسالم أعزل أداء واجب؟, هل قنص المصورين واعتقال الصحفيين أداء واجب؟, هل الخنق بالغاز المسيل لأصحاب الرأي والمخالفين السياسيين لتيارات أخرى و لتيار صنعه الغرب.. أداء واجب وطني درس له وتعلمه فكلف وأمر به؟, هل تفريغ هذه الكمية من الأسلحة والآلة الحربية في فض اعتصام مواطنين مسالمين عزل من الواجب الذي تعلمه المصري؟.
عار عليك كل العار يا مصر أن يعثر على جثث أبنائك ..أبنائك المصريين.. في الشوارع وفي الطرقات وعلى الأرصفة وفي مداخل العمارات, هانت عليك كرامتهم فكرامتهم من كرامتك ودماؤهم من دماءك, أم أنهم ليسوا أبنائك؟.
عار على كل مصري لا يثور دمه حتى وإن كان يخالف هؤلاء, أن تهان كرامة المصري على أرضه وفي وطنه ومن إخوانه, فمن وجدت جثته على الرصيف هو مصري ومن كانت جثته أسفل العمارات فهو مصري ومن وجدت جثته بين الأكوام والأوراق على الأرض فهو مصري, فمن أهينت وديست بالأقدام هي مصريتك, فهل تقبل أن تهان مصريتك بهذا الشكل وأن تذل لهذا الحد, لأن اليوم لغيرك وغداً لك وعليك, فلا تعتقد أنه بعيد عنك وأن الظالم سيفرق بين هذا وذاك, حينما يأتي اليوم الذي تريد فيه أن تدافع عن حقك إن أردت..
عار عليك يا مصري أن تقف صامتة أمام هذا الكذب لدرجة الغثيان بعد التوثيق بالصور والفيديوهات, فمن يصدقهم بعد ذلك فليس له تعليق عندي.
عار كل العار أن تترك جثث أبنائك المتفحم منها والمقطوع والمبتور والأشلاء ويذل ذويهم في استخراج أوراق دفنهم, بل واشتراط شروط قسرية مهينة ظالمة, فهل صرنا أقلية في دولة ملحدة ليس لها دين ولا ملة ولا إله يخافونه ولا دين يحكمونه ولا ملة يرجعون إلى إنسانيتها, فهم خلت المشاعر من قلوبهم والأحاسيس من أجسادهم وهم يصطادون إخوانهم من فوق الأسطح, وهم يمضغون اللبان كأنك تمارس هواية اصطياد العصافير أو الحمام, فهل تقبل هذا يا مصري مهما كنت تختلف معهم, فأي قلب هذا وأي عقل ذاك وأي معتقد أو عقيدة وواجب هذا؟.
عار كل العار حينما نسطر في كتب التاريخ هذه المجازر والمذابح ونشرحها لأحفادنا, فماذا سنقول لهم؟, كيف نشرح لهم التاريخ ونسوق لهم المبررات لضرب الجيش لأبناء شعبه ووطنه؟, (ألا يقال بأن الجيش لا يأكل أبنائه أبداً).. نعم هو لا يأكلهم, لكن يقتلهم ويحرقهم.. كيف سنرد على أسئلة أحفادنا فيها ونحن الشعب الأصيل العريق, فالمصري شهم مغوار تتفاخر به الأمم وليس الوطن فقط؟.. فكيف سترفع رأسك فوق أيها مصري؟, كيف سترفع رأسك وجثث الشهداء تثقلها؟, كيف سترفع رأسك وسواد التفحم يعميها؟, كيف سترفع رأسك والدماء تغرقها؟.. إنني أبحث عن المصري الذي سيرفع رأسه ورأسي, فهل ســــأجده؟.