السلطة وكل ما نضحت بهِ من معانٍ مادية ونفسية للاَهثين خلفها خلال النظام السابق ممن عافتهم الأرض وهرم من ترهاتهم الشعب, أعماهم تزلف المتزلفين وتقرب المزيفين فظنوا في أنفسهم ظناً فتحنكوا سياستهم واستشروا في فسادهم ونسجوا أطماعهم على رفات البسطاء المسلوخين على مكاتبهم, أبرزوا أنيابهم الزائفة هنا وهناك ينهشون في كل ما يقابلهم أشاوسٌ يستلون أوهامهم على قناعات الشرفاء فما تركوا ورقة إلا لعنتهم وما مروا على جدار إلا أشاح بظلهِ عنهم.
ذاك الجلباب البائس الذي لطالما استبد بسلطة نزعها عنه وسواس ظل يلاحقه منذ الصغر, وسواس يهزمه في كل معاركه الدونكشوتية ويسلب فرحته ولحظاته المميزة ويطرحها أرضاً ليمر عليها العابرون إلى حلم الدولة. ذاك البائس المجزوع يوسوس في صحوه ومنامه من باهوت يطرحه ارضاً بين الوحل في كل شطحاته.
ذاك البائس يعيش في جلباب تهتك بفعل الثورة ومزقه صوت الحق الساخط. فموقف من كان في السلطة اليوم ضوضاء تحدث لها بعض الجلبة في طريق سيل موسيقى الشعب الهادر باسم الحق. يغتاله الشك حتى في نفسه فتارة يطعن ظهره ويزحف على بطنه وحينً يدحرجه ضرعه وكلما وقع على وجهه بحث عمن حوله واتهم الباهوت بقطع طريق العودة.
من وقت السلطة ومن بعدها خلق له أعداء وخصوم عده, في كل مشارق الأرض ومن أعالي الجبال حتى الشمس أصبحت تتعقب ظله, وكلما خباء وجه في برميل أو تحت غطاء خرقه فتجاهله الناس لكنه ما يفتى أن يخرج بحثاً عن ظله ليركله الوسواس على وجه لتتورم عيناه ضجرا ويتنفس صدره ضيقاً من ماضي يلاحقه ويشج كل أمانيه المترهلة .
متلازمة ما بعد السلطة وسواس قهري يرافق كل من أطاحت به الثورة فستخصمها في كل حديث يصطنعه حتى كذباته المعروفة ظن أن ستمر من بين قرارات حتى يصدق نفسه فيتخبط في بحثه عن حليف فيقول القول وينفي قوله ويفعل الناس فاعلية القذرة ونسى أن خصمه يسكن في جوفه وأن الخرفة القديمة مازالت تلبسه بكل أوساخها القذرة.
م/علي الكمالي
وسوسات لجلباب بائس 1157