نعتقد أحياناً أنه من المستحيل أن تتحقق بعض أحلامنا التي رافقتنا أطفالاً وكبرت معنا حتى لم تعد عقولنا تتسع لها ولم تستطع قلوبنا احتواءها, لكن ما لا نعلمه أن أسباباً وأجواءً وخلفيات ملائمة يجب أن تتوفر حتى يمكن لتلك الأحلام أن تتحقق, وبمعنى آخر يجب أن تنضج أحلامنا على نار الأيام لتتحقق بصورة مكتملة غير مشوبة بالنقص, قد تتأخر القافلة عن الوصول, لكنها في نهاية المطاف حتماً ستصل والحياة ليست قصة واحدة وإنما هي مجموعة قصصية نعيش تفاصيل كل منها دون أن نشعر أن الكثير من أحلامنا يتحقق بشكل تلقائي وبعضها الآخر لا يمكن أن يكون إلا في ظل ركامٍ من الخبرات والتجارب التي نكتسبها من لحظات حزن وفرح وحيدة واندهاش وأنانية وكبرياء وضعف من بعد قوة..
والحقيقة الكونية "إن كل شيء خلقناه بقدر" ولذا فإن الزمان والمكان والظروف الملائمة كلها عوامل تنظمها يد القدر الإلهية وليس لنا فيها أي يدٍ سوى أننا بضاعة السوق ومحتوى صناديقها الآدمية.
أية قرآنية مليئة بالدهشة واليأس لكنها لا تخلو من الأمل "أألدُ وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً" تأملوا دهشة السؤال واليأس المغلف بالآمل في وجود رابط شرعي يمكن أن يكون سبباً لوجود الولد والذي تهتز به كلمة "بعلي".. لاشك أن حلم الأمومة كان يراود امرأة زوجها نبي لو سأل الله لأعطاه من واسع فضله, لكن المشيئة الإلهية وحدها من تحدد متى تتحقق أحلامنا ومتى نُختبر "بضم النون" بالخير ونمحص بالشر, ومتى يكفينا القليل أو الكثير ومتى لا يكفينا كل ما نملك ولو لم نملك!.
كل شيء يصيبنا بقدر, كل ما نقول وما نفعل يحدث بقدر, كل مالا نكسبه أو نظن أننا نفقده لم يكن مكتوباً لنا, لأنه رزق الآخرين الذين لا نستطيع أن نمنعه عنهم كما أنهم لا يستطيعون منع رزقنا عنا.
لا ينبغي أن نزرع اليأس ولدينا فسحة أمل لا يمكن أن نتصور حجمها أو نتخيل مداها, وإذاً لنشعر بالسعادة منذ الآن, لأننا أدركنا وبعد وقت طويل أننا نؤدي واجبنا باقتدار والجائزة لن تكون من صنع أيدينا, كما أننا في زحمة البحث عن فرصة خروج من نفق اليأس.. قد نجهل أننا؛ أنما بهذا الحزن أو تلك الحيرة ندرك منزلةً أعلى على سلم الصبر.
ألطاف الأهدل
أألدٌ وأنا عجوز؟! 1325