على اليمنيين المتحاورين تحديداً ألا يناقشوا أزمات ومشاكل اليمن بصورة سطحية، فقضية اليمن مثل قضية كل العرب شائكة وقديمة، ومن يعتقد أن هناك حلولاً جاهزة فهو خاطئ، الحلول لن تأتي إلا بتشخيص الداء جيداً والتدرج في علاجه، هناك من يرى مثلاً أن (الفيدرالية) هي الحل السحري لأوجاع اليمن، ربما تكون الفيدرالية أو شكل من أشكالها حلاً ضمن منظومة حلول متكاملة؛ لكن ليس قبل أن تهيّئ الملعب لقبول هذه اللعبة أو تلك، لم تكن) الفيدرالية) ما ينقصنا، فاليمن دولة بسيطة متجانسة قليلة السكان بالمقارنة بفيدراليات العالم الذي يبلغ سكان الإقليم الواحد خمسين مليوناً في معظم البلدان التي اختارت (الفيدرالية) مع تناقضات عدة في تركيبات السكان، لدينا إشكالية حكم ومشكلتنا هي غياب الحكم الرشيد وانعدام الدولة الوطنية من زمان، لم يكن أحد يتحدث عن (فيدرالية) قبل حرب 94م ولا بعد الحرب، ولم تكن الحرب هي المشكلة التي أثارت المواجع؛ بل انحدار الحكم نحو الحكم العائلي هو ما قلب كل المنغصات والأزمات المتفجرة.
لقد أفرزت الحرب فرصة ذهبية لبناء دولة وطنية، وهي الحرب التي لم تكن شطرية بل سياسية شارك فيها الجنوبيون أكثر من الشماليين، وهم من حسموها وباسم الدولة الواحدة، وبدلاً من بناء دولة القانون والعدالة والشراكة الوطنية بدأ تكريس حكم الأسرة والوراثة وما لحقها من استقطابات خاطئة، وتكاثُر شلل فاسدة لتمكين تحويل اليمن الجمهوري إلى مملكة (عيني عينك) . إذا الحكم الاستبدادي هو المشكلة الحديثة، القديمة والحل أولاً ببنا جوهر سليم للحكم ودولة ضامنة لأي خيار يتفق عليه اليمنيون ومنه خيار (الفيدرالية) الذي يجب ألا يُطبخ على عجل؛ لأنه قد يحمل مخاطر ليست هيّنة، وهي مخاوف يجب أن تؤخذ بالحسبان، فالدولة القوية والمدنية بجيشها واقتصادها هي التي ستضمن الديمقراطية وشكل الدولة الذي يجب أن يتدرج من حكم محلي كامل الصلاحيات إلى حكم فيدرالي يحفظ وحدة اليمن ويوزّع موارد اليمن بعدالة بين الأقاليم خاصة الثروات الاستراتيجية حتى لا تدفع (الفيدرالية) إلى التمزق وإنعاش العصبيات في كل إقليم؛ خاصة ونحن أمة عصبية أسهل ما يثار فيها عصبيتها التي تولد بيوم وليلة وترقص مع أول دقة طبل..!!.
أحمد عثمان
الدولة الضامنة لخيارات اليمنيين 1683