صادف يوم الأربعاء الماضي الثاني عشر من شهر يونيو الجاري مرور عام على تحرير محافظة أبين من القاعدة بعد أن استمر سيطرتها عليها عاماً وأسبوعين، هذا الحدث يحمل معانٍ وله دلالات عظيمة في نفوس أبناء أبين, كونه طوى فترة عام من المآسي والقتل والدمار والآلام تشردهم ونزوحهم من ديارهم إلى محافظة عدن وبقية المحافظات المجاورة أثناء اشتداد المعارك واستخدامهم من قبل تنظيم القاعدة كدروع بشرية..
يمثل يوم 12 يونيو محطة هامة في حياتهم, كونه اقترن بعودتهم إلى الديار المدمرة بعد تضحياتهم الجسيمة وقوافل الشهداء التي قدمتها القوات المسلحة واللجان الشعبية وأبناء أبين البواسل لانتصار إرادتهم الشجاعة وتحرير أرضهم من قبضة تنظيم (القاعدة ) الذي رسم صورة مشرقة لنضال شعبنا اليمني في صفحات تاريخنا المعاصر تؤكد رفضه قبول المشاريع الدخيلة والمدمرة لحياة أبنائنا، حيث أفشل بإرادته الجبارة مشروع إقامة (إمارة إسلامية للقاعدة) وأسقطه في الوحل ليتّبين للشباب المغرر بهم المضللين من قبل تنظيم (القاعدة ) أن ذلك المشروع لا يحمل إلا القتل والدمار واغتيال الحياة لأهداف لا تتصل ببناء المجتمع وتطوره, بل تخدم قادة التنظيم وأمراء الحروب الذين دفعوا بالشباب عن جهل إلى مهلكتها لتأكل الأخضر واليابس.
معركة السيوف الذهبية بقيادة الشهيد اللواء/ سالم قطن الذي دفع حياته ثمن انتصارها ستبقى عنواناً ناصعاً ونقطة مضيئة تتصدر صفحات التاريخ, لتجسد شموخ وعزة إرادة الشعب اليمني وقواته المسلحة التي أسقطت الأقنعة الزائفة عن وجوه قادة تلك الجماعات الإرهابية التي تحاول النيل من المجتمع وأمنه والعبث بمقدراته واستهداف وإجهاض أحلام أجياله ومستقبلهم القادم. وشكلت الهزيمة وسقوط إمارتها الإسلامية الضربة الموجعة للتنظيم لتضاف إلى الضربات التي تلقها وخسر فيها قادته.. الخ.
تلك الضربات المؤلمة التي أطاحت بشراذم تنظيم القاعدة جعلته يستشعر الخطر والانقراض بعد أن اعتبر هزيمته في اليمن ستمثل له بداية النهاية لإنهائه في جزيرة العرب ليفاجئنا بقيامه بتغيير تكتيكاته وإتباع أشكال جديدة لتنفيذ أنشطته الإرهابية والعودة إلى مراحله السابقة للتمدد في محافظات البيضاء وإب وشبوة وحضرموت.. لكن أثبتت الأحداث ويقظة المواطن فشل مخططاته التي يسعى لتنفيذها بإشعال الحروب والصراعات القبلية والمجتمعية في اليمن، ليعود بتفعيل سياسته العدوانية لتصدير الإرهاب إلى الخارج وإرسال رسائل الوعيد والتهديد من اليمن بلاد الإسلام والإيمان إلى المجتمعات الغربية، حين طل علينا مؤخراً في مطلع يونيو الجاري بوسائله الإعلامية وبالأخص مجلة "إنسباير الصادرة باللغة الإنجليزية " بتهديداتها للأمريكان وتقديم إرشادات كاملة مدعومة بالصور والخرائط لتنفيذ عمليات قاتلة ومروعة ومكلفة للأمريكان، والتحريض بأن مسئولية قتال أمريكا وحلفائها ليست حكراً على القاعدة، إنها أيضاً مهمة كل مسلم.
إلى جانب تصدرها رسالة القاعدة إلى الشعب الأمريكي، التي كتبها القيادي في تنظيم القاعدة "قاسم الريمي" التي قال فيها:" إن ما حدث في بوسطن وحادث الصدام والرسائل المسمومة وغيرها يدل على أن زمام أمنكم قد انفلت وأن العمليات ضدكم قد سارت عجلتها سيرا لا يسيطر عليه أحد.. وإن الحرب لم تنته بعد، بل قد بدأت بالكاد.. بالأمس كانت بغداد، واليوم بوسطن.. وإن أسئلة من نوع من ولماذا ينبغي تنحيتها، وطرح سؤال آخر بدلا منها هو: أين المرة القادمة؟".
وإذا نظرنا لتلك التصريحات الصادرة عن التنظيم وقادته، سنجد أنها تؤثر بشكل كبير على سمعة الإسلام في تلك الدول والمجتمعات غير المسلمة ليدفع المسلمون المقيمين فيها ثمنها وتتعرض حياتهم للخطر، ويبقى المسلمون هم من يتضررون من أثار هذا الفكر المتطرف وجرائم الإرهاب المرتكبة في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة مثلهم مثل المستهدفون لتتكشف بذلك حقائق التنظيم وأقنعته الزائفة وتسقط مخططاته ومشاريعه التدميرية وتهديداته العدوانية، كما سقط مشروع إمارته الإسلامية في أبين, لأنها ستجد من يصدها ويردعها للحفاظ على سلامة أمن مجتمعاتهم.
n.albadwi2013@hotmail.com
نهى البدوي
عام على سقوط إمارة القاعدة بأبين 1292