يقول العميري "لازلت الأمة الإسلامية عبر تاريخها الطويل تتعرض للغزو والتخريب والتقتيل والنهب من أعدائها في الداخل وفي الخارج, وما زالت مشاهد الخراب في بلاد الإسلام تتكرر على مسامع المسلمين وأبصارهم وفي مقابل تلك المناظر المؤلمة والمشاهد المحزنة لا زالت أرحام نساء الأمة الإسلامية تنجب لنا الأبطال تلو الأبطال, وتخرج لنا أجيالاً من الصادقين العاملين من جميع طبقات المجتمع, من الرجال والنساء والشباب والشيوخ..
وعلى مر تلك المصائب المدلهمة النازلة على الأمة الإسلامية كان للعلماء الصادقين العاملين دور كبير في تثبيت المسلمين وفي إزالة ما حلّ بهم, فبادروا إلى بيان المواقف الشرعية المتعلقة بتلك النوازل, وسعوا إلى تقوية جأش المسلمين, وتعبئة صفوف المجاهدين, وخاطبوا الأمراء والملوك ودعوهم إلى الجهاد في سبيل الله والدفاع عن حياض المسلمين وألزموهم بذلك, ولم يكتفوا بمجرد التحريض والتشجيع, وإنما شارك كثير منهم في قتال الأعداء, وبذلوا أموالهم ونفوسهم رخيصة في سبيل الله, فمنهم من قضى نحبه وفاز بالشهادة في سبيل الله, ومنهم من لم يرزق الشهادة فبقي يعلم الناس ويدعوهم ويرشدهم".
خطب ابن الجوزي في دمشق قديماً, فقال:" أيها الناس، لقد دارت رحى الحرب، ونادى منادي الجهاد، وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب، فأفسحوا الطريق للنساء؛ يدرن رحاها، واذهبوا، وخذوا المخامر والمكاحل، يا نساء بعمائم ولحى"..
وكانت خطبة عظيمة على اثرها عقدت الألوية واعلن النفير لقتال الصليبيين.. واليوم في المأساة السورية يبرز دور العلماء ويظهر موقفهم البطولي كالعادة في تثبيت الشاميين وإعلان نصرتهم..
بيان مؤتمر علماء الإسلام الذي عقد مؤخراً يومي الخميس والجمعة في مصر, حيث مثل المؤتمر 76 رابطة ومنظمة إسلامية عالمية دعوا فيه إلى النفرة والجهاد بالنفس والمال والسلاح لنصرة الشعب السوري وإنقاذه مما أسموه إجرام نظام طائفي, فيه دليل عملي على هذا الدور المهم لعلماء الإسلام.
وقد أكدوا في بيانهم ما ذكره ابن تيمية في الروافض والشيعة قديماً, بقوله :" إنَّهُمْ شَرٌّ مِنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَأَحَقُّ بِالْقِتَالِ مِنْ الْخَوَارِجِ".
يأخذ هذا البيان الصادر يوم الخميس أهميته من عدة أمور:
* كونه مثل أبرز القوى والتيارات الإسلامية في العالم على رأسها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والإخوان المسلمون ورابطة علماء الشام, واتحاد علماء أفريقيا وهيئة علماء المسلمين بالعراق والمؤتمر الدولي لنصرة الشعب الأحوازي ورابطة علماء السنة من أصل 76 رابطة ومنظمة إسلامي .
* كونه ركز على الجوانب العملية, بحيث شكلت لجان متابعة متنوعة (عسكرية, إغاثية, سياسية).
* كونه أتى كرد عملي على العنجهية الإيرانية والتدخل السافر للشيعة في المنطقة عموماً.
* يأتي بعد حالة الترقب الشديد من قبل أهل الشام والمسلمين عامة إلى ما تفضيه الأمور بعد دخول الإيرانيين بشكل سافر ووقح في المنطقة العربية.
* الإجماع العام في البيان على تصنيف إيران دولة معادية للإسلام والمسلمين.
* دعوته إلى المقاطعة الاقتصادية للبضائع والمنتجات الإيرانية.
* مشاركة بعض من قادة الألوية والكتائب القتالية السورية في حضور المؤتمر وفيه رسالة عملية وتحد صارخ للمكونات الشيعية في المنطقة.
ومع تعدد الرسائل وحدة لهجتها التي وردت على لسان المشاركين, فإن المحلل والكاتب الإسلامي جمال سلطان يراها طبيعية ويؤكد أنها تمثل تطوراُ منطقياُ في مواجهة المساعي الإيرانية لتحويل المنطقة إلى حالة من الاستقطاب الطائفي والديني بعدما توغلوا في سوريا، بل ومولوا مليشيات قادمة من حزب الله اللبناني ومن العراق وحتى من باكستان وأفغانستان لمساندة النظام السوري.
وأضاف سلطان أن كل هذه التطورات أعطت رسالة بأن إيران تعلن حرباً طائفية على الشعب السوري، مستفيدة من صمت دولي يصل إلى درجة التآمر على ثورة الشعب السوري، ولذلك كان من الطبيعي أن يجد علماء المسلمين أنفسهم أمام مسؤولية أخلاقية وشرعية "للدفاع عن حقوق هذا الشعب المستضعف والمستباح ودعم ثورته من أجل الحرية والكرامة بكل صور الدعم الممكنة".