هل شاهدتم مسرحية التركة ؟ واقع الحال يؤكد أن حياتنا تركة ثقيلة، فإذا ما سمع أحدكم عن التهام كلب لثور مزرعة فلا يستغرب أو يسأل كيف ؟ هكذا يبدو حالنا في ظل مسرحية بلا مستهل أو منتهى.
في اليمن توجد تركة كبيرة من الرجال والأفعال والمشاهد اليومية الهزلية ، لا شيء يضحك ، فكل ما نراه مبكياً ومخزياً، فهذه التركة نحن من صاغ فصولها ومن يمثلها ويشاهدها صباح ومساء دونما سئم أو ملل.
أناس كُثر تأقلمت مع كل دور وحدث ، أنها تركة غير تركة الكاتب الساخر سعيد عولقي ، تركة أدمنت الثرثرة الكلامية، استعذبت الكذب والرياء والتضليل ، اعتادت الصعود على دم وجماجم وألم وقهر ووجع وعذاب وقوت قرابين البسطاء وعلى أكتاف النفاق والوساطة والمحسوبية والعصبية.
هذه التركة مثقلة بالجهل والقتل والفشل والكذب والنفاق والخوف والشك، تركة تتأذى من النجاح والصدق والكفاءة والنزاهة، تركة لا تجد مندوحة في غسل يديها كلما رأت مائدة سلطان كما ولا يلبسها خجلا أو حرجا إذا ما خلعت نعليها المتسختين والتحقت بزمرة الأتقياء الأطهار القانتين بين يدي الرحمن.
نعم تركة إذا ما رأت ثورة شعب على وشك الانتصار؛ انغرست كنصل في قلب الثورة حائلة انتصارها هزيمة وتضحياتها وليمة واهدافها غاية مستحيلة، تركة إذا ما سمعت بثورة عارمة على الظلم والطغيان والفساد انتابها الفزع ؛ فهرعت متصدرة الصفوف وائدة حلم الثائرين، تركة إذا ما قلت ثورة ؛ قالت: نحن بندقيتها ونحن ثوارها وأحرارها ونحن صوتها الصادع في عنان الوهم والحيلة والخوف ونحن روادها ورموزها الحاملين لرايتها الخفاقة بالبهتان والرياء والضلال والوقاحة والخسة والنذالة.
فبرغم يقينا - الذي لا ينازعه شك – بسوءة نواياها، وبقبح أفعالها، وببراعتها في جوقة السلطان، وبمقدرتها العجيبة على التكيف مع كل الألوان؛ تركناها تمضي في سبيلها غافلين حقيقة نشأتها في كنف الحكام الطغاة الفاسدين الغاصبين اللصوص.
فما من خطر أكثر من ثورة يستلزمها ثورات كي تتقاطع مع ماضيها التعيس الذي ثارت من أجله ؟.
نعم ما من ثورة يقودها اللصوص والقتلة والفاسدون؟, فلا يوجد رئيس خلعه شعبه بالدم والقرابين ومن ثم يبقي حاكماً ومن خلال تركة تدثرت جلباب ثورة ؛ إلا في هذه البلاد العجيبة التي ينبغي أن لا تؤخذك الدهشة إذا ما رأيت لصوصها حكاماً والقتلة المذنبون أبرياءً وأحراراً.
رئيساً للبلادِ!!
بالتّمادي
يُصبِحُ اللّصُّ بأوروُبَّا
مُديراً للنوادي.
وبأمريكا
زعيماً للعصاباتِ وأوكارِ الفسادِ.
وبأوطاني التي
مِنْ شرعها قَطْع الأيادي
يُصبِحُ اللّصُّ
رئيساً للبلادِ !
بلاد العُرب اوطاني
رُبَّما الزاني يَتوبْ
رُبَّما الماءُ يَروبْ !
رُبَّما يُحْمَلُ زَيتٌ في الثقوبْ !
رُبَّما شمسُ الضُّحَى
تُشرقُ من صَوب الغروبْ !
رُبَّما يَبرأُ إبليسُ من الذَّنْبِ
فيعفو عنهُ غَفَّارُ الذنوبْ !
إنَّما لا يَبرأُ الحُكَّامُ
في كلِّ بلادِ العُرْبِ
من ذَنْبِ الشُّعوبْ !
احمد مطر
محمد علي محسن
تركة عجيبة 2201