قد تتبع الصفة موصوفها في غالب الأمر لكن ما تبقى من شيوع القاعدة في محيطها قد لا ينطبق على الكثير من صفات العموم نتيجة لانقلاب القاعدة الأساسية التي تعتبر قالباً منطقياً فريداً لتلك الصفات, فالأمين في اسمه خائن في رسمه ومن استهل اسمه بعبدٍ وحمد بقي في دائرة العصيان للاسم الجليل الذي يحمله ولا يفقه معناه.. ومن حمل اسمه صفة النصر ربما عاش مواقف الهزيمة مفصلة ومجملة, ومن اثنى عليها والدها باسم فرح أو سعادة ربما عاشت دهراً في كبدٍ وشقاء.
وهكذا فإن لكل مسمى صفة ولكل صفة موصوف, لكن الصفات قد لا تجد طريقها إلى مسماها وهذه سنة من سنن الكون المترتبة على أنماط الحياة والبشر والدواب والطبيعة.. ولأن كل شيء يتغير ويفنى ويعود إلى حالة العدم التي بدأ منها فإن من الطبيعي أن يعرض باسمه ورسمه وجسمه على كل حال ومال قبل أن يغادر الحياة وما فيها إلى دار الآخرة..
لكن كثيرة تطابقاً عجيباً ومواءمة غريبة كالتي تحدث بين مسمى له صوت وصورة مثلاً, فالسوط يلحقه صوت والرعد يعقبه رعب وكذا مثلها من مفرداتٍ تحمل السكون والحركة في جنباتها كما تحمل الطيور صفة الطيران على أجنحتها محلقة في سماء حملت حرفاً من السحاب تجر الماء كعربة تجرها الخيول.. هناك علاقة بين كل حرف وحرف في كلمة واحدة وعلاقة أخرى بين كل كلمة في جملة واحدة وسلسلة من العلاقات اللفظية والإدراكية والنقدية في منظومة التواصل اللفظي والبصري والحسي بين البشر مع بعضهم البعض من جهة وبينهم وبين واقعهم المقروء بأبسط لغة حسية مؤثرة من جهة أخرى.. ولاشك أن تلك الموسيقى التي يحدثها الحرف والكلمة المعبرة عن موقف معين, لاشك أنها تزرع صحراء الروح بعشب الإدراك وتغمر مساحاتها الشاسعة بطل العذوبة والسخاء وفي بطون تلك المفردات المنكهة بالحركة والديناميكية والترف ليسكن المعنى الغضب الذي نبحث عنه بمصابيح أقلامنا ونذرف لأجل الوصول إليه دمع مشاعرنا ونصب في كأس لوحاتنا الأدبية مدامة العذب الزلال.
بين مفردة ومفردة, بين صفة وموصوف, بين كلمة وحركة, بين حرف وصوت, نعيش وتعيش نواصي أقلامنا مثل رماح متأهبة لخوض غمار الحرب الضروس بين معانٍ نعيها وأخرى نعجز عن فهمها, لأنها لا تشبه نفسها.
ألطاف الأهدل
بين صوت وسوط 1633