لو يعلمون حجم الضآلة التي تملأ قلوبنا وهم يلقون تحايا الصباح والمساء على نساءٍ يمضين إلى سوق الحياة، لو يعلمون وقع تلك الكلمات التي تتدلى عن أفواههم كما تتدلى إلى الأرض ألسنةُ تلك المخلوقات التي إن تحمل عليها تلهث وإن تتركها تلهث!.. لو يعلمون ذلك القدر من التفاهة التي تخفيها ملامحنا المتعبة من شظف الحياة ونزق السائرين على ظهرها دون غاية تلف تضاريسهم الفاترة والخالية من الفضيلة، لو يعلم هؤلاء الرجال الذين لا يحترمون مشاعرنا ولا تهزهم انتقاضات حواسنا كم تعاني نساؤهم، كما نعاني نحن من زلات أخلاقهم وفلتات ألسنتهم.. فالدهر دقة بدقة وكلما زادوا عتواً عن سراط الأخلاق والقيم زادت معاناة نسائهم من زوجات وأخوات وأمهات من نزق رجال آخرين ليس لهم مع الله خلوة أو وقفة، فالصلاة التي تنهاهم عن الفحشاء والمنكر لا وجود لها على أجندة اللقاءات والأنشطة اليومية.. وما يحز في النفس أكثر أن يكون من هؤلاء الرجال أصحاب رسالة ومقام رفيع وصيت اجتماعي لا يستهان به، لكنهم في الحقيقة خفافيش قذرة لم تجرب طعم السعادة في نور العبادة، فما الذي يجنيه هؤلاء من كلمة تُلقى في وجه الريح أمام عابرة سبيل أثقلت الحياة كاهلها بالهموم حتى تسربلت بها واضحت طعامها ومدامها؛ ما الذي يجنونه من زلزلة بنيان الحياء في نفوسنا وإثارة مكامن الكره لهم ولكل رجل يتغاضى عنه الشيطان فيأبى إلا أن يكون رفيقاً له.. تصيبني الدهشة أحياناً وأسأل نفسي: هل هؤلاء مسلمون؟ أين هم إذاً من العفة والمروءة والشهامة وغض البصر؟
إنها رسالة أوجهها وسواي كثير، من النساء إلى كل رجل يعجز أن يقيد لسانه ويغض بصره ويغل حواسه عن عابرات السبيل من النساء فأقول: تذكر أن قدرة الله يمكن أن تشل لسانك وتطمس نظرك وتقيد أطرافك في لمح البصر، وأن هناك من يتعقب محارمك كما تتعقب أنت نساء المسلمين، وإنك إذ تفعل ذلك إنما تؤذي نفسك وتكسر حاجز الخوف والحياء من الله عندك، وأن دعوة عليك تبثها أمة الله العفيفة في الشارع قد تكسر ضلعاً أو تبكم فماً، فما عليك ونساء يمضين إلى علمٍ أو عملٍ أو قضاء منفعة؟ ما يدفعك لفعل ما تفعل والحياة قصيرة والبيت من تراب والمحاسب منكر ونكير وأدوات التعذيب لا وصف لها ولا تمثيل؟!، ما عليك وخدش حياء هذه وهتك ستر تلك؟! أليس في بيتك نساء؟! أو ليس في الشارع مثلك من رجال؟!.. في اليوم الذي تسمح فيه للشيطان أن يكون له في قلبك نصيباً اسأل من في بيتك: هل تطفل اليوم عليكن من أباليس البشر أحد؟! وستجد الجواب الذي يقنعك بفضاعة ما تفعله في نساء المسلمين من عنف وتحرش لفظي ومعنوي.. فهلا توقفتم عن هذا العبث بأنفسكم؟!.
ألطاف الأهدل
لو يعلم الرجال.. 1640