من وقت لآخر تظهر الكثير من القليعات الحديثة التي قد تصل إلى درجة الشطط أو تتصف بالاعتدال أو تتعدى ذلك بلوغاً إلى مرحلة السفة والوضاعة شكلاً ومضموناً ربما نطلق ذلك على ما يرتدي الناس من أثواب لا تحقق الغاية من ارتدائها، أو أنواعاً من الأطعمة التي لا يتوقف التفنن عند البعض في تغيير مذاقها فقط إنما قد تصل الرغبة في التغيير والخروج عن المألوف إلى تلوينها وإضافة ما يجعلها أغرب وأشهى دون إظهار أسرار المهنة في أغلب الأحيان.
ولو توقف الأمر عند هذا لكان خيراً للجميع مادام الأمر اختيارياً لا نأتيه مرغمين بل راغبين في التغيير أو راغبين عنه. إما أصبحت الصراعات تتعدى الأطعمة وتتجاوز الأشربة إلى صراعات عنف وموضات فساد وتجاوزات أخلاقية تتنافى مع عادات وتقاليد وأعراف اجتماعية سائدة وصعبة التجاوز تقف كأسلاك شائكة بين المعقول وغير المعقول السلوكي الذي تستطيع تميزه على خلفية قيمة عالية ونسيج نفسي متوازن..
الضرب الذي تعرضت له فتاة الجامعة قبل ثلاثة أشهر تقريباً وتكرر نفس الفعل مع امرأة في الشارع العام أمام مستشفى الثورة في محافظة الثقافة والمثقفين يدل دلالة واضحة على أن الصراعات التجارية تحولت إلى صراعات أخلاقية وسلوكية شاذة تظهر بصورة مفاجئة وغير مقبولة مشوبة بتراكمات سياسية مرفوضة سراً وعلناً كان لها نصيب الأسد في توجيه السلوك الجمعي مؤخراً. وكأن الذي ترك الحمار وأمسك بـ"البردعة" لم يجد مبرراً لفشله أو حجة لإخفاقاته إلا أن يعيد النساء إلى الصورة بعد أن استثنى مجتمعنا المرأة من موسع الحصاد بالرغم من حضورها موسم البذر والسقي والذود عن رقعة الوطن، كأن المرأة كان ينقصها القطرة الأخيرة من جرعة الامتهان والتنكيل ولم يكن هناك من بد إلا أن تستمرئها أمام الناس وعلى مقربة من وكر الثعابين التي نفثت السم في جسد المجتمع وقفلت عائدةً إلى جحورها وكأن الأمر لم يكن، تصيبنا الدهشة حين يتم تجاوز الآداب العامة والأعراف المتبعة في مجتمعنا بهذه الصورة المشينة وغير المشرفة أمام صمت قاتل من أصحاب المدينة المجتمعية الداعين إلى سيادة القانون وكأن القانون فكرة ذكورية أو تشريع سياسي أو مقترح ثقافي قابل للرفض أو القبول، ويبقى المجرمون والمفسدون والعابثون بالقانون خارج أسوار الإدانة القانونية والمجتمعية، بينما يصبح الأبرياء متهمين خلف القضبان ومحاسبين على وقوفهم أمام قضاء جائر يسفه الكريم ويكرم السفه، يجادل بالباطل ليدحض به الحق، وهل يختفي نور الشمس خلف السحاب؟!!
لم نكن نأمل أن تصل حالة الانفلات الأخلاقي إلى هذه الدرجة العابثة والمزاجية المتقلبة والتعامل مع القيم الدينية والإنسانية ككروت ملونة وكأن المجتمع أضحى فريقاً كروياً، لكن بدون وجود حكم.
ألطاف الأهدل
ضرب النساء.. موضة عنف جديدة في تعز 1617