من العام 1999 وحتى العام 2013 خسر سلاح الجو اليمني ثلاثاً وثلاثين طائرة حربية متنوعة. ولم يجد الشعب اليمني لقضية تحطم هذا العدد الكبير من الأسطول الجوي غريماً ولا جهة رسمية تتحمل المسئولية وبالتالي تخضع لمحاكمة. يا له من مزاد رخيص أمام المسئولين السابقين للتهرب من التبعات، والمسئولين الحاليين لممارسة هواية السكوت عن كشف الحقائق وتحميل الخلل الفني كل التبعات.
هل يعقل هذا الذي يجري للقوات الجوية اليمنية؟ تسجل معظم هذه المآسي ضد مجهول، أو يتم الاكتفاء بحكاية الخلل الفني السخيفة!
إننا نتساءل مثلما أشار رئيس الجمهورية خلال لقائه بمنتسبي القوات الجوية السبت الماضي. لماذا يحصل الخلل الفني أصلاً ويتكرر في اليمن دوماً؟ حقاً إنها بؤرة خبيثة وليست جرثومة.
وفي تصوري المتواضع أن هذا المسلسل الدامي الذي لن يتوقف يمكن معالجته من خلال إجراءات عاجلة وسريعة هي من مسئولية رئيس الدولة والحكومة وأيضا قيادة القوات الجوية خاصة مع استمرار تفجير الطائرات أو قنصها أو سقوطها لخلل فني كما يطرح في الغالب الأعم.
أول هذه الإجراءات هو فتح تحقيق شامل يشترك فيه خبراء محليون ودوليون لضمان الحيادية وذلك في صفقات شراء هذه الطائرات منذ منتصف الثمانينات حتى اليوم. هذا الملف سيفتح الباب أمام محاكمة رموز النظام السابق الذين أمعنوا في الفساد و تورطوا في صفقات شراء طائرات حربية وقطع غيار لهذه الطائرات على طريقة تجار الخردوات في بلادنا، بضاعة كثيرة وأسعار رخيصة. لقد كانت روائح تلك المشتريات تزكم الأنوف وتهدر مقدرات البلاد و تدمر معنويات أبنا القوات المسلحة بوجه عام وأبنا القوات الجوية بوجه خاص. فالعبث كان مهولا والمحاسبة غائبة تماماً والإحباط سيد الموقف.
أؤكد أن تحريك هذا الملف سيدخل عتاولة الفساد في القوات الجوية السجون وسوف يردع من تبقي من الصغار منهم خاصة المريض والحاقد والعنصري.
أما الإجراء الثاني فهو دراسة السيرة الذاتية لكل طياري القوات الجوية ومساعديهم والفنيين يمنيين وغير يمنيين وكبار الضباط فيها ومعرفة اتجاهاتهم وأفكارهم ومدى انسجامها مع مبدأ الولاء لله ثم للوطن ثم للشرعية الدستورية بالنسبة لليمنيين منهم. هذا أمر مهم للغاية فالحاقد أعمى لا يرى إلا ما يريده أو ما يؤمن به.
هناك أيادٍ خفية في الجوية تعبث، وهذه قد تكون مصيبة كبرى في سلاح الجو اليمني إن وجد مثل هؤلاء. ثم يتبع هذا الأجراء مباشرة تحقيق شامل وكامل في كافة الحوادث السابقة تشترك فيه لجان دولية متخصصة أيضاً لمعرفة أسباب سقوط كل طائرة من الطائرات المغدورة أو المغتالة لوضع النقاط على الحروف وتحديد المسئولية إما على الطيارين أو الفنيين أو على البؤرة الخبيثة - وهو الاحتمال الأقوى - التي تعمل اليوم على تدمير وإسكات سلاح الجو الذراع الطويل للدولة وتحييده لتنفيذ حروب قادمة تستهدف اليمن ووحدته واستقراره، وبالتأكيد أن وراء هذه البؤرة الخبيثة قوى سياسية واجتماعية وشخصيات إجرامية تبحث عن سبل شتى لاستعادة مصالح هائلة فقدتها. وحينها سوف يتضح المستور وتندحر المؤامرة ويخسر المجرمون والمأجورون رهانهم ونغلق الملف الدامي لمسلسل سقوط الطائرات الحربية على رؤوس اليمنيين.
عبد القوي ناجي القيسي
بل هي البؤرة الخبيثة 1337