كتبت إبان الثورة الشبابية اليمنية مقالات تتحدث أن الثورة الشبابية كتب لها النجاح في شق فيما الشق الآخر وهو الاكثر خطراً ونفوراً لم تتحقق فيه بعد.. إذ تعد المشيخة والقبيلة والسيمخة والقتل أبرز ما ينتهك القانون ويعيق التحولات باتجاه الدولة المدنية.. القبيلي عندما يكون آلة بيد الشيخ فإنه يوجهها باتجاه الهدف الذي يريده الشيخ لا القبيلي.. ومن هنا وجب التخلص من سلطة الشيخ, فكل الناس ولدتهم أمهاتهم أحراراً.. وبالمثل إذا قتل مرافق الشيخ شخصاً ما ماراً بالقرب من موكب الشيخ مثلاً, فهذا لا يعني أن القبيلي (المرافق ) قتل من تلقاء نفسه وليس للشيخ ناقة ولا جمل.. إنما جاء القتل لثقة المرافق المطلقة بأنه سينال رضا شيخه وسيكافئه على ذلك.. بل وسيدافع عنه إذا ما اشتدت المشكلة وإن ظهر للضحية أهل وقبيلة ومطالبة بالقصاص فإن ذلك سيلزم الشيخ التحكيم وبالتالي (ذبح بقرة ) كما يفعلون أغلب الأحايين, فالشيخ يقول لعسكره اقتلوا واحنا (نرقع ), يعني نوصل ونهجر ونذبح ثور.. أما إذا كان الشيخ لن يقف بالأساس مع ما سيفعله عسكره من جرائم فإن العسكر (المرافقين ) لن يتجرأوا على فعل مشين كالقتل أو سفك دم الغير بجهالة ودون وجه حق حتى وإن كان ظاهر ذلك احتياطات أمنية لحماية موكب الشيخ أو ابنته, كما حصل في موكب عرس ابنة العواضي أمس الأول في صنعاء.
باختصار المشيخة هي سبب كل بلاء ومحن اليمن, فهم القادة وهم كبار الضباط وهم المستثمرون وهم الساسة وهم رجال الأعمال وهم أعضاء اللجنة الخاصة وهم "المفحطين" وهم المرفهون وهم المهنجمون وهم الباسطون على أراضي البسطاء, وكذا هم سبب كل قطرة تراق في اليمن الحبيب, مع احترامي لقلة قليلة منهم.. فإن الشيخ منذ زمن سحيق توليه القبيلة لأمانته وكرمه وشجاعته ونبله وحكمته ورأيه السديد وإغاثته للملهوف ومناصرته للمظلوم وإجارته للضعيف, غير أن اليوم الميزان انقلب ألف درجة, فأصبح الشيخ عكس كل ذلك وهو الأمر الذي قلب معه موازين كل حياتنا في هذا الوطن الذي تحول إلى مشيخة لإجارة الشيخ ومرافقيه وعسكره.. ومحلاً كبيراً يستثمر فيه وبئراً نفطياً يستنزف ثرواته.. وسلاحاً أحمر فتاكاً يقتل الناس جميعاً دون حساب أو عقاب.. وكرسي سلطة يتربع عليه دون أي عائق, ومعسكراً مفتوحاً يجند فيه كل قبائله, ووظيفة عامة يوظف فيه من يشاء!.
الأخطر من هذا وذاك أن التطرف والحزبية الدينية دائماً تنشط في القبيلة وتنتشر وفقاً لسطوة الشيخ وبالتالي يم تحويل القبيلي من (رعوي ) مسالم إلى قوة قاهرة بالإمكان أن تفتك بك وتطيح برأسك منذ أول وهلة تختلف معه أو تتجرأ بالقول عليه أنه على خطأ في توجهاته هو وشيخه..
لكن المصيبة فعلاً أن يرشقك مرافقو الشيخ بالرصاص دون هوادة, بمجرد أن تسبق سيارتك موكب عرس للشيخة ابنة الشيخ التي يمشي موكبها ببطء ويفتح الميوزيك (الهون) قاطعاً الطريق على الآخرين الذين يريدون الذهاب لقضاء حاجاتهم دون الرغبة في الانتظار وراء كل هذا الكم من السيارات والإزعاج والمرافقين والمسلحين (القتلة)!..
متى يا ترى تتخلص اليمن من هؤلاء الأوباش الذين جعلوا حياة الوطن والوطن في الجحيم؟!, فوراء كل مصيبة في بلادنا شيخ!.
للتأمل:
خصمنا اليوم غيره الأمس طبعاً
البراميل أمركت "شيخ ضبه"
عنده اليوم قاذفات ونفط
عندنا موطن، يرى اليوم دربه
عنده اليوم خبرة الموت أعلى
عندنا الآن، مهنة الموت لعبه
صار أغنى، صرنا نرى باحتقار
ثروة المعتدي، كسروال "قحبه"
صار أقوى.. فكيف نقوى عليه
وهو آت؟ نمارس الموت رغبه
(عبدالله البردوني)
فاروق ثابت
شيخ وراء كل مصيبة! 1560