بعد أن شرعت حكومة الوفاق الوطني والمصالح والمؤسسات التابعة لها في إجراء الإصلاحات الاقتصادية والإدارية ـ حسب قول أصحابها ـ ها هي اليوم تعزف أوتارها على متطلبات التغيير، وتتغنى بألحان مطالب واحتياجات الشعب، وترقص على طرب الإخوان، وتختبئ في أوكارها من فساد النافذين، وتعيد تصحيح نفقاتها مع الفقراء والمساكين .
   ولازالت تصر أن مطارق عدالتها قد بدأت تدق فوق رؤوس الفاسدين وأن حكومتهم الموقرة تعمل بما أوتيت من قوة في استعادة ثروات الوطن المهدورة وتوقيف الرواتب والهبات والمكافآت الغير شرعية والوهمية التي ظلت تنزف من أموال الشعب منذ عقود من الزمن، وتعيد تصحيح صرف النفقات المالية من خزينة الدولة إلى مسارها الصحيح .
   هل تعلمون ما هي أهم تلك الإصلاحات ومن أين بدأت وما هي الأليات المتبعة في استعادة ثروات الوطن المهدورة؟!!
    لقد بدأت في توقيف أدنى فئة من معاشات الرعاية الاجتماعية أو ما تسمى بـ " الإعانات " التي تصرف للفئة الفردية بمبلغ وقدره (6000) ريال يمني بصورة فصلية كل ثلاثة أشهر أي بمعدل (2000) ريال شهرياً وهي لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تكفي قوت يوم واحد .
نعم لقد قسمت هذه الفئة إلى أربع مجموعات سيتم إيقاف مجموعة كل فصل بما معناه سيتم إيقاف الأربع المجموعات خلال عام كامل ويأتي إيقافها بغرض التأكد من بقى من أصحابها على قيد الحياة من عدمه لهذا تم إيقافها بصورة جماعية حتى يتم إلزام كل مستفيد أن يحضر بنفسه من اقصى الريف لاستلامها لضمان استمرارها وإلا سوف يتم إيقافها نهائياً .
وعند ما سألتهم ما سبب إيقاف هذه الإعانات البسيطة والتي تعد حقيرةً مقارنة باحتياجات الناس هذه الأيام والتي لا تساوي شيئاً سوى أنها مرتبات فصلية... ولماذا يتم إيقافها بصورة جماعية دون وجود ألية محددة لتتبع الحالات المشكوك فيها إن وجدت؟ قالوا إنها إصلاحات يتبعها الصندوق وبصورة تختلف من محافظة لأخرى بحيث تعمل كل محافظة على تصحيح سجل الرعاية الاجتماعية وإيقاف حالات الوفيات بالطريقة التي تناسبها وهذا الإجراء تم فعلاً في محافظة لحج أما عندهم.. الله أعلم !!!!
حقاً إنها مأساة أن يتعرض المستفيدون منهم "العجزة والشيبة والمعوقين والأرامل" من هذه الإعانات وبصورة جماعية إلى العذاب والتعب والهوان هذا كله في التنقلات إلى عواصم المديريات لمقابلة اللجان لكون اللجنة لا تنتقل إلى العزل والقرى، بينما هناك من هم تجار ومغتربون وضباط كبار في الجيش والأمن يستلمون أكبر فئات الرعاية الاجتماعية بغير وجه حق نظراً لتحسن ظروفهم المعيشية، إلا أنه لم يتم تشكيل لجان للتأكد من ذلك ولم يتم إيقاف أي حالات منها .
وبعيداً عن كل هذا دعونا نتأمل قليلاً عن مصير ثروات البلد، كم من السيارات تصرف سنوياً؟ وكم من الفلل الفاخرة يبنيها مسئولون من مال الشعب؟ وكم من مشاريع تم الاستيلاء على ميزانيتها؟ وكم من مرتبات ومخصصات لألوية وكتائب وهمية؟ وكم من شركات ومؤسسات للدولة تنهب؟ وكم من مليارات وزعت لنافذين وفاسدين بغير وجه حق؟ لماذا هي الأخرى لم تتعرض للتوقيف أو إعادة النظر فيها؟..
بالفعل لقد دقت مطارق العدالة فوق رؤوس الفقراء والمساكين لتأخذ عليهم فتات الرعاية الاجتماعية من ثروات البلد ومن بقايا خيرات الوطن التي استحوذ على جلها الفاسدون.. نعم لقد استكثروا ما يسمى بالإعانات التي يحصل عليها الفقراء والمساكين ودقت مطارق عدالة حكومة الوفاق فوق رؤوسهم لتتحدث عن إصلاحات واستعادة المال العام، هل هذه هي الإصلاحات ؟ وهل استعادة الأموال العامة قد بدأت من عند العجزة والأرامل ؟!!