ترتفع أسعار النفط والعملة والذهب والمواد الغذائية ويتبعها ارتفاع سعر النساء في مجتمع الإنسان فيه كإنسان أرخص ما يمكن وأبخس ما يكون.. ترتفع المهور ويدخل الرجال الشباب في تحديات مع الحياة وصراع مع الأقدار، باذلين الكثير من الطاقة للوصول إلى أقفاص السعادة الزوجية، لكن تمر سنوات طويلة قبل أن يستطيع أحدهم الوصول كرجل قادر على تحمل المسؤولية وهذا لا يهم، فالحياة صعبة في كل مكان، لكنها هنا أصعب بكثير في ظل سياسات حكومية غير منصفة وأنظمة سياسية غير قادرة على تجاوز الأنا الفردية إلى الأنا الوطنية، غير أن المهم في الأمر أن نساء اليوم أصبحن ينتظرن طويلاً حتى يحظين برجل يقدر قيمة الحياة الزوجية ويستشعر أهميتها، لكنه يصل بعد أن تفقد المرأة شيئاً من الغضة، وبعضاً من طراوة العود، والقليل من براءة الفكر، والكثير من الأمل والقدرة على العمل، فطرة الله التي فطر الله عليها هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه أن تحتمل روح المرأة أكثر مما تحتمل روح الرجل، لكن جسدها لا يمكن أن يحتمل ما يحتمله جسد الرجل، يصل الرجل وقد بدت على ملامح النساء بعض علامات الخوف والكثير من الأسئلة المقلقة، يبقين رهائن لألف سؤال وسؤال وسؤال.. يتزوجن قد تجاوزن سن الملاعبة ونسين معنى البكورة وتعففن عن دلال الإناث وغنج الحرائر.. يصل الرجل متأخراً، لكنه يملك الحق لأن يختار أفضل الموجود، وتنتظر النساء طويلاً حتى يصبحن مضطرات للقبول بما خف وزنه وذاب شحمه ولم يبق إلا عظمه! قد لا يشعر الرجل بتلك المحطات التي يمر عليها قطار العمر سريعاً، لكن النساء يشعرن بها وعلى مستوى الدقة التي تعمل بها أجهزة المعامل التي تكتشف علل أجسادنا قبل أن نشعر بوجودها.. نحن عانسات على مقاعد الحياة في كل مكان، موظفات يحلمن أن يكون لهن ولد، وأخريات يتسابقن على فرص الارتباط بزملاء العمل كما تتسابق قطرات المطر على الوصول إلى الأرض، منهن من تؤمن بظل الرجل ومنهن من ترى أن ظل الجدران التي تنام خلفها أستر عليها من رجل قد يخطئ سهمها فيه وقد يصيب.. عانسات تمضي عليهن الأيام على وتيرة واحدة، وتشرق عليهن شمس كل يوم لتعزف الحياة لحناً واحداً وترقص أحداثها على قدمٍ واحدة..
في كل ليلة ترتدي فيها السماء ثوب السهر الموشى بالنجوم الناعسات، تنام تلك النساء على وسائد الغد الواعد، يحلمن بمنزلٍ هادئ وزوج متفهم وولد صالح وابنه حانية.. لعلها فرصة لأن أهمس في أذن ذلك الرجل الذي يرغب بأن يعدد لأي سببٍ كان ويرى في نفسه القدرة على الإنفاق وتحقيق العدل بأن هناك مبادئ سامية وقيماً اجتماعية وإنسانية عظيمة تقف خلف التعدد ومنها تخليص المجتمع من بعض ظواهره السلبية، وفي مثل حالتنا هذه ستجد العانسات من النساء فرصة للارتباط والاستقرار بدلاً من البحث الدؤوب عن فتيات صغيرات يجهلن الأسلوب الأمثل للتعامل مع الرجل وإدراك الأسس التي من أجلها تبنى الأسرة وتشيد أركانها.. إنهن ناضجات وقادرات على التوافق والتواؤم مع شركاء لا يقلون نضجاً عنهن.. هي دعوة للموازنة وإعمال الفكر فيما يعالج الروح والجسد معاً ويداوي الفرد والجماعة في وقتٍ واحد.
ألطاف الأهدل
كلام عوانس! 1552