حكاية (مايهمنيش) حدثت يومنا هذا الخميس في كلية التربية بجامعة صنعاء؛ واجهت عميد الكلية صدفة مع بعض الزملاء والطلبة في الممر الداخلي للكلية ، ألقيت عليه التحية ، وبدلا من أن يرد بأحسن منها ويهنئني بعيد العمال باعتباري إحدى العاملات في هذه الكلية، فاجأني بهجوم شديد وشرس لم أعهده أبدا في أي موقف لا من رئيس على مرؤوسه ولا من رجل على امرأة أمام الطلبة والزملاء، جعلني أشعر أن عندي له ثأراً.. يتهمني العميد بأنني أهاجم الكلية وشهرت بمجلس كليتها واتهمتهم بمخالفة المعايير عبر الصحف وكان المفروض إن أتهمهم بيني وبينهم أو أصمت.. وهو يعلم هو ومجلسه أنني لم أكتب عن الموضوع إلا بعد أن بلغ السيل الزبا، ولم يعد بالإمكان السكوت على ما يحدث، وهو يعلم هو ومجلسه أنني أكتب عن الفساد في الجامعة من 2002م وأن هناك مخالفات موجودة من العهد السابق ولا تزال مستمرة ومتجددة في كل مجلس؛ أليس من واجب العميد أن يوقف هذه المخالفات حتى يخرس الألسنة؟!, أليس من الأفضل أن يحل المشكلات بدلاً من تكميم الأفواه؟.. نعم, عميد (ماهمنيش) ليس مسؤولاً عن الماضي، لكنه مسؤول عن الحاضر والمستقبل، وينبغي أن يعرف أنه مسؤول عن كلما يحدث في الكلية، ولا يجب أن يمرر أية مخالفة في الإشراف أو غير الإشراف عبر مجلس الكلية مهما كانت الظروف.. الخطأ خطأ حتى لو تم الاتفاق عليه عبر محاضر سابقة... وإلا فلمَاذا ثار الشعب إن كان علينا السكوت؟!.
كان المفترض أن يكلف العميد المحترم من يرد على كتاباتي منطقياً ويبرز وثائقه ليثبت أنني أتجنى على عمادة الكلية أو مجلسها.. أنا كتبت عن واقع الكلية بصدق وأن معظم رؤساء الأقسام هم من الأكاديميين والكلية تربوية، فكيف سيحافظ على هوية الكلية من ليس منتمياً إليها؟!.. وكتبت أن الإخوة الأكاديميين يشرفون على رسائل الماجستير التربوية وهي ليست في تخصصهم، فصاحب الفقه والسيرة والأدب يشرفون على المناهج إشرافاً رئيساً في بعض الأقسام، وبقية الأقسام الآن تطالب بالمساواة في الخطأ، فهل يقاس على الخطأ؟ وقلت إن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى سحب الثقة بشهادات الكلية، وسيغرق الأكاديميون والتربويون معاً, فماذا سنفعل إن وقع الفأس في الرأس لا سمح الله؟!.. وكتبت أن في اللائحة بعض العبارات التي تحتمل قراءات متعددة ولاسيما إذا كانت النيات غير صافية، وطالبت بإصلاحها لتكون واضحة للجميع.. فهل فعلت منكرا؟!..
كان بإمكان العميد أن يرد علي بهدوء وبمنطقية، ويبرز لي كشفا بأعضاء مجلس الكلية وتخصصاتهم ويحرجني إن كان يظنني لا أعرف تخصصاتهم، وكان بإمكانه أن يبرز محاضر الكلية ليريني أن جميع لجان الإشراف المعتمدة في جميع الأقسام متخصصة كلها حتى يخرسني ويكسر قلمي، أو يشكك في مصداقيتي بنشر الكشف على سبيل حق الرد، وكان بإمكانه أن يؤيدني حتى في تعديل اللائحة ليخرج من المسؤولية ، لكنه لم يفعل ما ينبغي أن يفعله قانونيا، واستسهل مواجهتي بأسئلة التحدي : ماذا تريدين منا؟ وأرعبني بالهجوم اللفظي علي وكأنني خرجت عن الدين حين كشفت الواقع... .العميد رفع صوته علي وهنجم وأرغى وأزبد وأنهى هنجمته بقوله:(... أنا عادي عندي لست زعلان المجلس زعلان من كتاباتك, أما أنا ما يهمنيش اكتبي ما تريدين).. اندهشت من كلامه, فهذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها مسؤولاً يعلن أن ما يكتب عن كليته لا يهمه.. لم أكن أتوقع أن أجد عميداً لكلية عريقة محترمة يعبر عما يكتب عن قضايا كليته بتعبير( مايهمنيش)، ولم أكن أتوقع أن يثور العميد كل هذه الثورة علي مع أنه معروف بأخلاقه اللطيفة وبابتساماته الموزعة على الجميع، ويعرف أنه وصل للعمادة بالديموقراطية وأن عشمنا فيه التغيير الإيجابي وليست المداراة للمخالفين.
ورداً على ذلك الهجوم أعده أنني سأنتظر وسأواصل المطالبة بالتغيير.. وعلى الجميع أن يعلم أن الذي بيني وبين العميد ومن يغضبون من كتاباتي ليس ثأراً ولا مصالح خاصة، وإنما بيني وبينهم كليتي فقط وستبقى قضيتي في السر والعلن، وسأظل منتظرة لليوم الذي أجدني فيه سعيدة بالكتابة عن العميد ومجلسه بأنه أوقف المخالفات في كل الأقسام وأعاد للكلية هويتها وهيبتها، وعمل على حل المشكلة، ولدى العميد الفرصة من خلال رئاسته للجنة حل مشكلات الكلية التي شكلها رئيس الجامعة، ومر عليها شهران ولم تفعل شيئاً، وأرى أن حل المشكلات سوف يتم بالمصادقة على ثلاث قضايا متزامنة مع بعض وبدون تأجيل وهي:
1- فتح برنامج أكاديمي ليمارس الأكاديميون الإشراف على تخصصاتهم ويبتعدون عن الإشراف التربوي.
2- إنشاء قسم مناهج عام يكون مظلة لأقسام المناهج الموجودة في الكلية ليشارك التربويون كلهم بالإشراف على طلبة الدراسات العليا وتحل مشكلة ازدحام النصاب الإشرافي.
3- تعديل لائحة الدراسات العليا فيما يخص كلية التربية ليعرف الجميع أن التخصص الدقيق مهم جدا عند تعيين لجنة الإشراف على الرسائل العلمية.
وسوف أكتب وأكتب وأكتب حتى يتم تصحيح وضع كليتي, حتى لو لم يهتم المعنيون بكتاباتي.. وسامحك الله يا عميدنا, كنت منتظرة منك الشكر أنني أسهل لك اتخاذ القرارات، ولكنك تأبى مع أن هناك إصلاحات لا تكلفك غير كلمة (لا).. لكن ماذا أقول؟.. شكراً والله المستعان يا عميد كليتنا!!.
د. سعاد سالم السبع
عميد ما همنيش!! 1511