قد يكون الوقت متأخراً جداً للحديث عن المقصف المدرسي ونحن على أبواب انتهاء عام دراسي مر سريعاً بفعل انشغالنا في الحصول على شيء من الأمن والاستقرار يهيأ لعودة الحياة إلى سابق عهدها الذي ربما يتأخر قليلاً, لكنه على وشك الوصول بإذن الله.. لكنها دعوة للقائمين على هذه الثغرة المدرسية بالتفكير الجدي في تغيير النمط العام والمستهلك لمقصف المدرسة واستبداله بفكرة عملية وصحية ومتجددة وذات هدف راقٍ, عوضاً عن كون الهدف ربحياً بالدرجة الأولى, فالمعروف أن وجود أغذية صحية داخل المدارس أمر غير وارد وما يؤكل بداخلها من وجبات هو أسرع طريقة لإفساد المعدة والقضاء على مهامها الواحدة تلو الأخرى, جراء السموم المصاحبة لبعض أنواع الأطعمة مثل الـ "شبس" الذي يقلى في الزيت العكر والمستخدم مراراً لذات الغرض, كذلك الـ "بسباس" وأنواع الشطة البلدي التي يتناولها أبناؤنا بشراهة دون الالتفاف لأضرارها البالغة على الجهاز الهضمي وجهاز الإخراج والبشرة التي تتهيج بفعل المحرقات والتي لا تلبث أن تكتسي بالبثور والشحوب والبقع المسببة للحكة في بعض الأحيان وهذا بدوره يدخل البشرة في دوامة من المشاكل الجلدية يكون الدواء الناجع لها الابتعاد عن تلك السموم التي يتناولها أبناؤنا دون رقابة ذاتية أو توعية أسرية.
الفكرة تقوم على أساس إجراء عملية تغيير إيجابية لنشر ثقافة غذائية جديدة, بعرض أصناف صحية في وجبات الطعام المقدمة على مائدة المقصف المدرسي.. قد تكون تلك الوجبات مرتفعة الثمن قليلاً عن الوجبات القديمة الملائمة لميزانية الطالب, ولكن سعرها لن يكون باهضاً أمام المواد التي تحتوي عليها, فعلى سبيل المثال تقدم لفائف "سندويتشات" الجبن مع أنواع من السلطة كالطماطم مثلاً وشرائح الخس والخيار, أيضاً يمكن أن نضيف شرائح البصل للفائف الفاصوليا والبيض, البطاطا المسلوقة مع الليمون الحامض, أنواع مختلفة من العصائر الطبيعية, شاي بالحليب, القهوة اليمنية المميزة..
وما أعنيه أن نوفر مطعماً صغيراً داخل كل مدرسة, على أن يكون المستثمر مثلاً إدارة المدرسة أو جهة خارجية قادرة على تقديم وجبات نظيفة ومغذية, ولا بأس أن يكون المستثمر مثلاً من أصحاب سلسلة المطاعم المشهورة في تعز وأعتقد أن التجربة هي ما سيثبت جدوى المشروع وإن كانت المدرسة ستتوقف عن تقديم هذه الخدمة أثناء عطلتها الصيفية, إلا أن الخسائر غير واردة بالشكل الذي يمكن تخيله, فالمسؤولية المجتمعية في مثل هكذا مشاريع يجب أن تكون هي الحكم, أضف إلى ذلك أن هذا قد يخلق جواً تنافسياً قوياً بين مدارس المحافظة في تقديم الأفضل للطالب وبهذا سنحد من الحالات الإسعافية المفاجئة التي يكون سببها المواد الدسمة أو المحرقة في الطعام الذي يقدمه المقصف المدرسي.. ويجب أن يكون لمكتب التربية في المحافظة قدم صدق في الأمر, بإشرافها المباشر والدقيق على هذا المرفق الهام والحيوي في جميع المدارس, آخذين بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي يقضيها أبناؤنا خلف أسوار المدارس وعلى مقاعدها بعيداً عن رقابتنا المباشرة وقريباً من بعض المخاطر السلوكية والصحية التي يصبح انتشارها في الأوساط الدراسية أكثر من مكان آخر, بفعل التقارب العمري بين الطلاب أو الطالبات والذي يجعل الكثير من الاهتمامات والرؤى متشابهة إلى حدٍ كبير.
ما نرجوه أن يأخذ الموضوع اهتماماً خاصاً لدى المسؤولين في الحقل التربوي والمخلصين من أبناء الوطن الذين يبذلون كل ما بوسعهم للارتقاء بهذا المجتمع تربوياً واجتماعياً.
ألطاف الأهدل
المقصف المدرسي 1655