فالأفواه حولي فاغرة والأيدي ممدوة والكثير من الأعين ترمقني بإزدراء.. خذ بيدي فالأرض تتماهي دون قدمي ولا طريق يلفني ولا سبيل إلى الوصول وكل ما أرنو فضاء, الليل أصبح مشمساً بالأمنيات وما تبقى من نهاري سوى الفتات.. خذ بيدي ايها الضوء المبعثر في قناني الأمسيات.. أيها الأمل الذائب في خلجات العتمة, أيها السابح في بحر الصمت, أيها المدثر بسرابيل الضباب, خذ بيدي فالحياة أصبحت خالية من المعالم والناس يشبهونها وليس لي رفيق.. يلفني الكون من جديد فلا أرى ما قد تراه, وأسير وحدي حافية فهل لغربتك انتهاء؟!.. الليل جاء ويعود قلبي آسناً من بين الآف النساء, وحدي انسكبت كغيمة سنمت تحلق في السماء, الليل جاء وقد كبرت لكنني بقيت في ذات الكساء!.. خذ بيدي, ساقاي تأبى الانتشار أمام هذا الحشد من ذرر المساء, في قلبي شيء من شقاء, لكنني أتحاشى أن أبدو كطير شق وجنته البكاء.. في هكذا ليل طويل لايبدو للحزن انتهاء, وحدي تعثرت بظلي, وحدي سقطت على متن الهواء, وحدي أمشي بلا انتماء.. الليل جاء وكم مللت من إنتظار الليل في نفق الوفاء.. كل النساء دخلن في أثواب سحرك إلا أنا بقيت في ثوب الولاء لبعض شيء ليس يفهم ما الولاء..
أنا أيها الشيء الموشى بالذكورة برعم في رأسك إيك مثمر بالارتواء.. أنا درة مكنونة سكنت صفيح العمر حين خبى البهاء!.. لا شيء يفرحني, لا لون يسعدني, لا خطب يأسرني, ولا حتى انتهاء, صارة حروفي باهتة, كلماتي أنات إنطفاء.. والليل جاء.. الليل جاء, فأين أخفي معالمي وأين أرقص بانكسار دون أن أخبو كنار دون ماء.. أين السبيل إلى بلاد الله في هذا الغثاء؟ أين العصاة إن اتكأت على السنين والعجز جاء؟! أين الدواء وأين يمكن أن يكون الطب في جسد البلاء؟!.. خذ بيدي فالليل جاء ولم يعد بيني وبين الموت إلا أن أنام على الرثاء.. العمر أضحى مثل يومٍ مشمسٍ والسحب تأبى أن استظل بلا عناء.. ها قد تجلى الموت في سقف البناء, ها قد بدأت أو انتهيت والعمر بدء وانتهاء.. ها قد ذبلت وصار لوني مثل لون الحب في حضن الجفاء, الروح ولت واختفت والليل جاء.. الليل جاء لينطوي مثل الحكايات الغارقات في بحر.. إشتهاء.. ليس للأمل إنقضاء, إنما بعض الرجاء.. بعض الرجاء.
ألطاف الأهدل
خذ بيدي............ 2579