شكراً لرجل كانت قسوته نابعة من خوفه على نساء هذا المجتمع, وغيرته عليهن مشتعلة بدافع الدين والحياء وليس بدافع السخرية والحسد.. رجل يرى في نساء المجتمع نصفه الآخر، فهو لا يسخر من نصفه ولا يسخط على نفسه!.. شكراً لرجل تبنى ضعف المرأة كأقوى صفة تظهر قوته اللائقة باحتوائها وتبرز ذكاءه في تحديد مساحة الوقوف إلى جوارها.. شكراً لأنه كان عوناً لها يفهم قدرها ويدعم تواجدها, يحترم صمتها, وينصف صرخة الظلم التي تعانيها.. بعضنا, يتماهى في همها ويعاني مثلها ويتمنى لها الخير كما يتمناه لنفسه.. لا يتوقف عن تقديم المشورة ولا حدود لآرائه وأفكاره التي تخدم قضاياها, ومثل هذا الرجل يندر وجوده بين الإخوة والزملاء أيضاً.. لهذا قلت شكراً، فهو يستحق أن ينال هذا الشكر.
كثيراً ما تساءلت في داخلي: لماذا يكره الرجل تطور المرأة؟ لماذا تبقى نساء السياسيين والمثقفين وأصحاب القرار خلف الاستتار وبعيداً عن أي أنشطة اجتماعية، بينما ينادي هؤلاء بضرورة أن يكون للمرأة دور في بناء مجتمع اليوم تحديداً والذي لا تكفي جهود الرجل وحدها في بنائه وتحقيق استقراره؟!.. ثم أجد الإجابة مكتوبة كأوضح ما يمكن في سلوكيات البعض من رجالنا في حقل العمل أو التعليم, ثم أجدها مكتوبة أيضاً وبمنتهى الشفافية في سلوكيات البعض من النساء، فهن لا يمنحن الآخر ذلك القدر من الإنسانية التي يستحقها وإنما ينأين عنه بكل ما أوتين من قوة ويعملن بمفردهن في خيام نسائية مغلقة ليخرجن بتجارب أدائية قاصرة ينقصها بعض قطرات من عرق رجل وفي ومخلص ومحب لتحقيق التوازن والعدالة بينه وبين تلك الأنثى التي لا تزال بحاجة إليه مهما بلغت قوتها أو حدود اهتماماتها...
لذا قلت شكراً لذلك الرجل الذي يزرع الخير في طريق المرأة ولا ينتظر الجزاء أبداً, رجل يرى فيها الأم والأخت والإنسانة التي تؤدي أدوارها لتعيش تماماً كما يفعل هو، بل واكثر بقليل، لأنها تعمل على مدار الساعة داخل المنزل وخارجه، بينما يكتفي الكثيرون بساعات عمل محدودة خالية حتى من الإتقان أو التميز في الأداء, قلت شكراً، لأنه لا يقدم المساعدة إلا بدافع المساعدة وهو حين يفعل ذلك يكلل عمل المرأة بالنجاح، لأن لمساته العظيمة لا غنى عنها أبداً مهما كان عمل المرأة متقناً ومتمثلاً، إلا أن هذا العمل بحاجة إلى أن يظهر على السطح وقد جمع بين الدقة والحرص, الجمال والقوة, البهاء والوضوح, وهذا كله لن يتحقق إلا إذا عمل كلاهما على إنجاز هذا العمل حتى لو لم يجمع بينهما مساحة جغرافية واحدة أو فكرة مشتركة وثابتة, فالحياة لا تسير إلا وفق انساق طبيعية محددة، جعلها الخالق بهذه الصورة وعلى هذه الشاكلة حتى تتوازن الأرض بمن عليها وبما عليها، فلا تميل كفة على حساب أخرى أبداً.. ولأن الصانع حكيم خبير كانت الصنعة متقنة إلى الحد الذي لابد أن يكون ككل شيء في هذه الحياة مرادفات وأضداد.. ولا اعتقد أن الرجل مرادف للمرأة أو ضدها, بل هو المعنى الذي يبرز وجودها، كما أنها المفردة التي تفسر وجوده, وبهذا التكامل تستقيم الحياة وتسير, ولا مجال لقبول تلك الآراء المتنازعة من ثقافة العالم الآخر.. لذا قلت شكراً لرجل يفهم الغاية من وجوده ويدرك السبب من وجود المرأة إلى جواره.
ألطاف الأهدل
شكراً أيها الرجل 1950