قاعدة التجاذب والتنافر العلمية التي تحدث بين أقطاب المغناطيس المتشابهة أو المختلفة تكاد تنطبق على البشر أيضاً بما أنهم قبضة من طين الأرض لم تجعلها بهذه الهيئة الفاتنة إلا روح الخالق التي نفثها في تلك القبضة من الطين، فكانت بشراً بعد أن سوته يد الخالق أيضاً في أحسن تقويم وأبدع تركيب..
موجات التجاذب والتنافر تحدث فعلاً بين البشر فنرى مثلاً أواصر الصداقة القوية ترتبط بين رجل كريم جداً وآخر بخيل جداً، وهذه الصداقة قد تنشأ بفعل ذلك الاحتياج الفطري للصفات المفقودة التي يتمنى الإنسان الحصول عليها حتى لو لم تناسب شخصيته اعتقاداً بأنها قد تكون أفضل من صفات طيبة يمتلكها لكنه استخدمها بشكل خاطئ فانقلب خيرها شراً، كذلك الكريم الذي ينفق كل ما لديه ثم يقعد ملوماً محسوراً والأصل في كل شيء التوازن والاعتدال، والأمر ذاته يحدث بين زوجة هادئة وزوج شديد العصبية، أو زوج يحمل ثقة عالية بالنفس وزوجة ذات شخصية مهزوزة وغير قادرة على اتخاذ أي قرار منفرد مهما كانت نسبة أهميته، ومع هذا يحدث التوافق ويوجد الحب وتحل السكينة، بينما يمكن أن يحدث التنافر بين زوجين كلاهما لديه طموح عالٍ وشخصية قوية وقدرة فائقة على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته لدرجة أن تلك العلاقة قد تنتهي بالانفصال، خاصة في وجود أهداف يرغب أحدهما في تحقيقها ويرى آخر أنها تقف في طريق تحقيق أهدافه الشخصية والمهم في الأمر أن الذرات المغناطيسية في الإنسان تبقى نشطة جداً طالما وأن الإنسان لايزال على قيد الحياة وهذا ما يجعله قادراً على بناء علاقات جيدة وعملاقة قد يخفق بعضها، لكن قد يبقى البعض الآخر كنواة لنمو علاقات أخرى مماثلة.
إذاً فكما يحمل الإنسان من صفات الماء والصخر والطين والهواء والنار، فهو يحمل أيضاً شيئاً لا يستهان به من صفات المعادن حتى لتجده أحياناً قطعة من الحديد قابلاً للطرق والسحب أو لوحاً من الزجاج لا يمكن لك أن ترى العالم إلا من خلاله! إنه ذلك الصندوق المعتق من الكنوز التي لا يمكن أن يتخيلها عقل بشر، كنوز مشفرة بقدرة إلهيه لأن تلك الطاقة الجبارة التي يمتلكها عقل الإنسان وروحه قادرة على جذب كل ما حوله من بشر ودواب وطبيعة خلابة، إنها تلك الذرات المغناطيسية التي تجعله قادراً على إحداث التجاذب والاستعداد للتنافر مع كل ما حوله فهو: المركز، هو المغناطيس، هو القائد لهذا الزخم اللانهائي من العلاقات الفطرية.
ألطاف الأهدل
تجاذب وتنافر 2653