ها نحن نعيش الذكرى الثانية لجمعة الكرامة التي راح ضحيتها ثلة من شباب اليمن الذين سطروا بدمائهم مدى عشقهم للحرية والكرامة, فضحوا بأنفسهم من اجل ان يورثوها للأجيال من ورائهم , يومها سقطت الاقنعة وبدت نازية صالح وعصائب الموت التي يديرها في جريمة ليس لها مثيل في تاريخ القلوب الرقيقة والافئدة اللينة..
إلى الله صعدت ارواح شباب الكرامة الطاهرة طهر الصلاة محمولة برصاص اطلقتها ايدٍ مرتعشة للماجورين تخفوا بخسة مؤجريهم .
ابطال الكرامة انطلقت ارواحهم الى السماء محفوفة بمواكب ذكرهم وتسبيحاتهم واستجاراتهم بربهم التي بعثوا بها قبل ان تطالهم ايدي القتلة, فاحت دمائهم الزكية عطراً ملأ ارجاء اليمن زماناً ومكاناً وتعدته الى العالم من حولنا, فاهتز لها كل ضمير انساني حي, فكان سقوطاً مدوياً للنظام انهارت بناة وتصدعت اركانه وخر السقف من فوقه..
شهداء الكرامة ربت اروحهم فراحت تجذب اليها كل قلب وضمير حي بكل الارجاء ,ففي الداخل توالت استقالات قيادات في النظام مدنية وعسكرية من مختلف المستويات القيادية مستنكرة الجريمة الشنيعة بحق شباب عزل لم يكن لهم من السلاح سوى عزائمهم..
انقسم الناس ما بين حائر مذهول وموجع ومكلوم واخر تمالك عقله اخذه رشده الى التبرؤ من الجريمة وفاعليها معلناً وقوفه الى جانب المظلوم حتى نصرته, فكانت البداية والنهاية في ان واحد..
في الوقت ذاته بدا صالح والزبانية من حوله من خلال وسائل الاعلام مسكوناً بزهوه وغروره, ظاهرة عليه علامات الفرح ملقياً التهمة على الضحية نفسه .عندها اخذت الثورة بريقها ,استعادت اليمن كرامتها تبدأت ملامح التغير للعيان عرف صالح واجهزة الفوضى من حوله ان البقاء مستحيل والتغير واقع لا مفر منه..
حدد الثامن عشر من مارس موعد انطلاق مؤتمر الحوار اكراماً لشهداء الكرامة وكل شهداء الثورة أريد من خلاله ارسال رسالة لقوى الماضي بحتمية التغيير وانها مهما حاولت لن توقف عجلته المنطلقة.. في الجانب الاخر مازالت التيارات الماضوية تصارع التغيير محاولة بكل الفرص المتاحة لديها عرقلة خطاه ابتداء من اختيار ممثلي شباب الساحات للحوار الذين اختيروا من خارج الساحات, بل ان من بين تلك الاسماء التي قيل انها ممثلة عن شباب الثورة من شارك بقتل شباب الثورة ,وسط رفض كبير من قبل الفعاليات لتلك الاسماء, مما جعل اللجنة تحيل قائمة الشباب لرئيس الجمهورية لاختيار ممثلي شباب الساحات وفق المعايير المحددة.. في هذه الأثناء وبعد عامين من المجزرة فانه من العار ان يظل القتلة احراراً طلقاء بدون عقاب على الرغم من ثبوت ارتكابهم للجريمة ومشاركتهم فيها , شهداء وجرحى الثورة مهما قدم لهم فلن يعوضهم الا ان يؤخذ بحقهم من كل من شارك في اعمال العنف ضدهم خلال الثورة..
الاكثر قتلاً للشهداء أن يعيشوا حياتهم بتلك الاعاقات, بينما المجرم يدور امام اعينهم صحيحاً معافى.. ما ينبغي على الحكومة والرئيس التوافقي القيام به هو اعادة التحقيق في الجرائم التي مورست بحق شباب الثورة وانصافهم, خاصة ان هناك الكثير من التقارير التي قدمت من قبل منظمات دولية كشفت عن الفاعل والجهات التي تقف وراء تلك الجرائم .
شهداؤنا القيمة الاكثر سمواً في ثورتنا وكل تاريخنا والمتاجرة بدمائهم خسة لا يساويها الا خسة القاتل نفسه, لأنها جريمة ممارستها اكثر وطأة من القاتل نفسه..
جرحانا أنتم اعيننا التي من خلالها نقيم الثورة ونحفظ مسارها, فلا تمكنوا الانتهازيين من الاتجار بأناتكم.
نشوان الحاج
كرامة اليمن واليمنيين 1387