مازال اليمن مسرح الدمى المتهالك لكثرة الأقدام التي تلعب على أرضه وتمارس طقوسها الشيطانية بين رعاياه، بل وتثخنه جراحاً بنزاعات لا ناقة له فيها ولا بعير..
فجرعات السلاح المنتظمة المعلنة وغير المعلنة التي تدخل إلى البلاد والتي توزع ما بين جرعة للحوثة وأخرى للحراك الانفصالي وثالثة لتنظيم القاعدة، هذه الأطياف بالذات التي لا يهمها الدفاع عن هذا الوطن أو الحفاظ عليه، بل تدميره وتقويضه، ولا ندري لمصلحة من ولماذا؟ هل هي حرب عقائدية ومذاهب فعلاً كما يراد أن يؤخذ بها أم هي مصالح لصالح وغيره وأطماع في اليمن تحديداً، فالوهابية تقابلها الشيعة في صراع يسحق فيه اليمنيون كالحب بين شقي الرحى وإيران بالذات هي القوة الإقليمية التي تدعم الحراك بالسلاح والمال وهي التي تدعم الحوثة بالسلاح والمال والخبرات، فلماذا كل هذا السخاء من أجل تشطير اليمن؟ وهل نصبت إيران نفسها علينا كولية للنعم تهب من تشاء لتقتل من تشاء؟ فأين عقول اليمنيين من العملاء من باعوا انتمائهم بإغراءات ستكبلهم بوصم الخيانة ما بقوا؟. ألا يدركون أنهم مجرد أدوات في أيدٍ خبيثة؟..
فإذا كان هدف إيران الوصول إلى مكة وتحريرها من الوهابيين، كما تزعم آياتها النجسة، أفلن تتحرر إلا من أرض اليمن بعد تمزيقها إلى فتات تبتلع كل على حدة من كل المتربصين؟ وإلى متى تظل بلادنا ملعباً لصراعات، بالنيابة رغماً عن أنوفنا؟..
والأشد والأنكي أنه مازال الشعب ذلك المستحمر يسير وراء وأمام شخصيات محروقة سبق وأن أذاقته ويلات لا حصر لها، هذه الكائنات التي لا هدف لها ولا غاية سوى مصالحها الشخصية ومطامعها في الحكم والرئاسة والوجاهة وليذهب الشعب إلى الجحيم وإن حكموا بقايا شعب.
فمتى يعي هذا الشعب أنه يجرم في حق نفسه عندما يترك العنان لنزعات التشظي هذه والانقسام والحرص على أن يذهب كل فريق بما يظن أنه مكاسب وطنية وما هي إلا حواجز تفصلنا عن الحوار والوصول إلى حل؟!..
عليه أن يقتنع بأن زمام أمره بيده وأن هذا الشعب لو أقتنع بكيفية الوصول بالوطن إلى بر الأمان فسيصل، رغم كونه تسلم سفينة مخرومة على أيدي حكام فاسدين يأخذون كل سفينة غصباً. وأنه لن تكون هناك أية قوة ستقنعه بالعكس..
فإذا كانت مرجعية الحوار الوطني هي قوى إقليمية تهمها مصالحها في اليمن أولاً وأخيراً، فالأجدر أن نكون نحن أشد حرصاً على حسم أمورنا بأنفسنا. وأن نتجاوز عن صغائر خلافاتنا والتكتلات العصبية التي عمقها وزرعها النظام السابق مع مبدأ فرق تسد، ولنعلم أنه لن يكون الضرر الواقع علينا من غيرنا أكبر من إضرارنا بأنفسنا..
وهل سلمتنا للوصايات الماكرة سوى عاهات النزاعات الطامعة، فعلينا إلا أن ننتظر بن عمر كي يوجهنا إلى ما فيه مصلحة وطننا، فهذا الوطن هو ملجأ كل اليمنيين وهم من سيعانون ويلات الدمار في حال فشل المتحاورين.
فكرية شحرة
الحوار كفرصة أخيرة 1406