يعاني مجتمع اليوم من العنف بكافة أشكاله ودرجاته وطرق انتشاره، ولا اعتقد أن السبب يعود لسوء الحالة الاقتصادية أو التعاطي مع العنف إعلامياً عن طريق انتشار أدواته اللفظية والمعنوية والتكتيكية بفعل المحاكاة الحية لمخرجاته السلبية، أو أن السبب يعود لعدم وجود رقابة آنية مجتمعية شاملة تظهر بشكل تكتلات اجتماعية تنشر الوعي الأخلاقي والقيمي, بل إن غياب الضمير الإنساني والاستهانة بالفروض والواجبات الدينية والبعد عن إثراء الجانب الروحي للجسد بسبب تغليب إشباع الجانب الجسدي عليه وغياب الرقابة الأسرية أو إنحراف توجهها إلى تحقيق التوازن المعيشي, هي الأسباب الحقيقية التي جعلت العنف يبدو كظاهرة واسعة الانتشار لتشمل كل طبقات المجتمع دون استثناء.. ما يهمنا هنا هو الاشارة إلى مقدار العنف الذي تعانيه النساء في مجتمعات ذكورية بامتياز, وما يترتب على هذا العنف من تكفكك أسري وانحراف في سلوكيات المرأة والأبناء أو ظهور أمراض نفسية متعددة كنتاج طبيعي لهذا العنف الكبوت والذي لايجد تفاعلاً كافياً من قبل المهتمين لأمر المرأة ابتداءً من الأهل وانتهاء بأجهزة القضاء التي تصل إليها المرأة المعنفة وقد بلغت من التعنيف ذروته, لكنها لاتجد من الإنصاف ما ينتصر لإنسانيتها ويكون رادعاً لمن يعنفها سواءً كان زوجاً أو أسرة تنتهي إليها تلك المرأة.
تبذل بعض منظمات المجتمع المدني والجهات ذات الاختصاص الاجتماعي جهوداً كثيرة للحد من العنف ضد المرأة, لكن على المستوى الحكومي والقضائي لم تكن هناك خطوات جادة وصادقة وقادرة على اتخاذ تدابير جزائية ضد من يعنف المرأة وتسبب لها بالأذى النفسي والجسدي, اللهم إلا في حالات نادرة كان لإشهارها عبر الإعلام دور يبعث على تنكيس الرؤوس اليمنية ومحاولة الحفاظ على ماء الوجه الذي أهدره السكوت عن حقوق وواجبات مختلطة, استطاع أن يستحوذ عليها الرجل, لكن على حساب كرامة المرأة وإنسانيتها وحقها في العيش الكريم.
إذاً أعتقد أننا بحاجة ماسة وضرورية إلى وجود خط مباشر ومفتوح لاستقبال شكاوى العنف الذي تعانيه النساء عن طريق لجنة فنية تحوي مستشاراً نفسياً وآخر من الجانب الاجتماعي وثالث من رجال الدين وآخر من رجال القضاء على أن تحاول هذه اللجنة إصلاح ما أفسده العنف بشكل مبدئي لضمان حق المعنفة ومن ثم تحيل القضية إلى المحكمة إذا رأت أن المرأة لن تحصل على حقها إلا عبر القضاء.
وفي اللحظة التي نأمل فيها انتهاء العنف من مجتمعاتنا سواء كان عنفاً خاصاً أو عاماً, إلا أننا يجب أن نأخذ بأسباب القضاء, عليه عن طريق وجود هنا الخط المباشر للتواصل مع أهل الاختصاص, وحتى لا يجد كل من يحاول إقصاء جرائمه ضد المرأة اتخاذ ذريعة السرية والحفاظ على كيان الأسرة قائماً فإن هذه اللجنة ستعمل بشكل سري وسلمي على إصلاح الخلل, لكن ليس خارج معلومية أسرة المعنفة أو أي جهة حكومية أو مدنية تكفل سلامتها إذا كان العنف صادراً من الأسرة.. ويبقى الخوف من الله هو الحل والتقوى لله هو المخرج, فمن لا يخاف الله لا يخاف الناس ولهذا لايضع اعتباراً لأي جهة أو أي عقاب يمكن أن يتعرض له وهو إذا فعل ما فعل في غياب كامل لوجود العنف في قلبه, فمن أين نبدأ قصص العنف التي رأيناها بأعيننا؟ ومن أين ننهيها؟! إتقوا الله في النساء وكفى.
ألطاف الأهدل
الخط المباشر لاستقبال شكاوى العنف 1614