في كل مرة أحتاج فيها إلى الحصول على خدمة معينة من أي دائرة حكومية أو مكتب خدمي أجد من السلوكيات السلبية والمخزية ما يدفعني للعودة إلى قناعتي الأولى بأن عجلة التغيير في وطني تشبه تماماً تلك السلحفاة العجوز التي لاتكاد تصل إلى غايتها حتى تكتشف أنها أخطأت الطريق.. الكثير من الخدمات المجانية التي من حق المواطن أن يحصل عليها مجاناً لايتم الحصول عليها إلا بعد الدخول في عملية مطولة من الحسابات السلوكية السلبية المرتبطة بمسألة التعود كالتهرب من تقديم الخدمة دون مبرر أو تقديمها بأجر على شكل رشوة في أغلب الحالات أو استيفاءها بشكل مستقطع وكأنها منة "بتشديد النون" أو هبة أو عطية من ذلك الموظف المتهاون إلى هذا المواطن الذي مل البقاء بين يدي الروتينة.
فتجده يقبل الوضع القائم دون الرغبة في إجراء أي تعديلاً, بل إنه من يأسه احياناً يدفع ما يملك ليحصل على ما يجب أن يحصل عليه مجاناً.
بدون وجود رؤية جمعية موحدة للتغيير لن تستطيع تطبيق معناه الفعلي على أرض الواقع خاصة بعد أن فهم هذا الجيل المعنى الحرفي للسياسة كقاموس كهنوتي لا تتفن قراءة مفرداته إلا النخبة من الساسة وصناع القرار وبالتالي فأن مفردات هذا القاموس لا تبدوا إلا كمترادفات فردية بين يدي جيل لا يتقن قراءة الواقع كما ينبغي وليس لديه الأدوات الجيدة للبحث عن قاموس إنساني جديد لا يحظر الحياة الكريمة على الناس وكأنها مرتبة شرف لا يجب أن يحظى بها الضعفاء والعوام والبسطاء من بني البشر.
اعتقد أنه ينقصنا الكثير حتى تسير قافلة التغيير في اتجاهها الصحيح وحتى نستطيع تغيير أنفسنا وقناعاتنا بواقعنا والطريقة التي نتعاطى فيها معه سواءً رضينا به أو رفضناه وسواءً كانت لدينا حرية القبول به أو لم تكن.. لازلنا نعاني من ازدواجية الرفض والقبول والمواكبة وكأننا أصبحنا مخلوقات ذات دورة حياة قصيرة لديها القدرة على التكيف مع مختلف الأنماط البيئية على تفاوت درجاتها, تعيش في شقوق الأرض متخفية من كل ما يمكن أن يؤذيها, كأننا لسنا بشراً من لحم ودم وفعلاً نسير وتسير أفكارنا كسلحفاة عجوز لا تستطيع العودة إلى الخلف ولا تستطيع السير في اتجاه واحد إلى الأمام وإنما قد تطمرها الثلوج أو تغطي قوقعتها الأتربة وهي تخطو خطواتها الميتة نحو الحياة ثم لا تصل.. فما أشد حاجتنا للشعور بالمسؤولية والانتماء والولاء للوطن, ولكن هذا لن يتأتى ونحن نجهل الطريق إلى البداية التي تقودنا للنهاية.
ألطاف الأهدل
السلحفاة العجوز 1717