عبر بريد القراء تصلني رسائل تجعل الدماء في عروقي تغلي كما تغلي قهوة البن السعودية المميزة بالبن الاخضر الطازج, أخطاء إملائية ونحوية وتعبيرية لاتكاد تراها إلا طلاسم قادمة من حقبة زمنية لانعرف لها تاريخاً أبداً.
فإذا كان أبناؤنا يصلون إلى أبواب الجامعات وهم بهذا المستوى المتدني من إتقان اللغة العربية خطاً ونحواً في أي شيء سيبدعون؟! وكيف سيتقنون مهارات أخرى ولغات أخرى حتى يلحقوا بسوق العمل وهم قادرون على الإبداع ومستحقون للتميز؟! أقسم أنني أكاد أحياناً ألغي هذا البريد وأقوم بحملة "علمني واكسب أجري" في كل مدارس تعز من أجل القضاء على الأمية الإملائية والتعبيرية لدى طلابنا وطالباتنا, بحيث تكتمل لديهم صورة اللغة ويملكون القدرة على الخروج من براثين العامية المدرسية, فالأصل أن يتحدث كل مدرس لغة عربية بالفصحى في حصته كما يحدث الأمر مع معلم اللغة الانجليزية وللعلم فإن عبارة "تحدث الانجليزية أو مت" التي أتخذها الكثير من معاهد تعليم اللغة الانجليزية قاعدة يجب أن نتخذ شعاراً عربياً داخل المدراس بحيث يضع معلم اللغة العربية على رأس السبورة المدرسية هذه الحكمة كل يوم "تكلم العربية أو أرحل" لعل في تعليم الصغار لإتقان النطق بمفرداتها إنعكاس على إخراجها كتابياً بشكل يضمن عدم الإساءة للغتنا الأم لغة القرآن الكريم.
إن عدم الإحساس بالانتماء للوطن والإخلاص في خدمته وبذل الغالي والرخيص في سبيل تطوره وإزدهاره أصبح يأخذ منحى سلبي جديد بعدم الإحساس بالانتماء للدين واللغة أيضاً, فمن ينتصر لسننا الدينية التي طمرتها الحضارة ومن يحيي حقوقاً وواجبات مفروضة ضاعت في زحمة الثقافات الدخلية؟! ومن ينتصر للغتنا العربية؟ من سيوقظ أصحاب الشأن من وزراء ومؤلفين وموجهين ومعلمين؟ أين هي الخطط التعليمية الجديدة التي تربأ باللغة العربية عن حضيض العامية التعليمية الجديدة, المدرسية في اعتقادي أننا بحاجة ماسة إلى خطط تعليمية جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل فكرة يطرحها كاتب أو طبيب أو مواطن مخلص ومحب للوطن وألا تقتصر هذه الخطط على تغيير الجداول الزمنية أو تطوير مستوى الأداء دون البحث عن مخرجاتها العملية تطبيقاً عبر النزول الميداني وفرض حيثياتها كمبادئ غير قابلة للتغيير.. لغتنا العربية في خطر كبير طالما وأننا لانستخدم قواعد النص القرآني كدليل نحوي وأسلوب تعبيري ونصوص إبداعية خالية من التعقيد وغنية بكل فنون اللغة من تشبيه وجناس وطباق.. فهذا الكتاب ليس دستوراً سياسياً واجتماعياً فقط, بل هو منهج تعليمي لكل المواد الدراسية لما يحمله من رموز علمية وأدبية عميقة جداً لايدرك معانيها إلا من أحب هذا الكتاب بصدق وتلى آياته بتدبر.
ألطاف الأهدل
تكلم العربية أو أرحل! 1695