اشتغلت آلة الثورة المضادة خلال الفترة التي تلت صدور قرارات الهيكلة في الجيش وحتى الثلاثاء الفائت على معزوفة مساندة الرئيس/عبدربه منصور هادي، بعد أن جربت مواجهته وبانت لها أن الحسابات خاطئة، فأعادت الحسبة على أساس الترويج أن أحمد علي خرج فعلاً من مؤسسة الجيش وذهب ليقضي إجازته في ايطاليا، انتظارا لما سيقرره الرئيس إذا أراد تعيينه ضمن الهيكل الجديد للجيش، وفي حال لم يحدث ذلك فإن " العسكري المنضبط " و" الحداثي المتمدن " سيبحث عن مستقبله بنفسه إما بممارسة العمل السياسي أو البحث عن وظيفة دولية لدى الناتو في معركة الإرهاب العالمية في القرن الأفريقي، وربما قيادة العمليات في مالي، أو ما شابه من وظائف بحكم " التجربة الاستثنائية " في قيادة الجيوش الحديثة !!
هذا الترويج تلاه سيل دافق من التناولات الإعلامية والسياسية عن ضرورة امتثال " المتمرد " علي محسن لقرارات الرئيس وحشد الطاقات الوطنية لمواجهته، المواجهة التي يحب أن تتصدر الفعل العام، وأمامها لا مجال للحديث لا عن بقاء صالح في المؤتمر، ولا عن مؤتمر الحوار الوطني، ولا عن تأخر صدور التعيينات الجديدة في المناطق العسكرية والهيكل الجديد للجيش، حتى يطمئن الثوار والشعب اليمني أن الوريث الذي ثاروا عليه لا مكان له في المؤسسة الوطنية الكبرى، وأن لا يكون قد خرج من الطاقة إلى إيطاليا ليعود من الباب الواسع للهيكلة المنتظر منها أن تعيد بناء الجيش اليمني على أسس وطنية بعيدا عن التوريث والعائلية والقبلية، وهي السمات التي كرسها الرئيس السابق ونظامه في مؤسسات الجيش والأمن والجهاز الإداري للدولة وكل مؤسساتها.
ظهور علي صالح وابنه احمد على التوالي في المشهد السياسي متغير إيجابي، لأن ذلك يخرج إلى العلن حقيقة موجودة تحت السطح وهي أن العائلة لم تخرج من السلطة وأنها لا زالت تنفذ برنامجها الشامل للثورة المضادة عبر عنوان المؤتمر المختطف وتشبث الابن الوريث بوريثة أبيه ألوية الحرس الجمهوري.
هذا أيضاً يعيد الحيوية للتحالف الواسع النطاق لقوى التغيير ومكوناته الذي أنجزته الثورة الشعبية ضد نظام صالح، لأنه من السابق لأوانه إعادة الفرز وترتيب الأوراق في ظل عدم إنجاز هدف الثورة الرئيسي بالتغيير، فإذا انتهى اليمنيون من إنجاز هدف التغيير، ستفرض البيئة الجديدة نفسها؛ إما باستمرار تحالف اللقاء المشترك إذا كانت المبررات الموضوعية والمصالح المشتركة للقوى المكونة له لا زالت مبرراتها قائمة، أو إعادة رسم خارطة التحالفات بناءً على مستجدات الواقع وليس بناء على التوقعات والأمزجة.
الوقت أضيق من خرم إبرة، مؤتمر الحوار على الأبواب، والهيكلة بانتظار قرارات جديدة من الرئيس، قرارات بالاسم والمكون العسكري للمناطق السبع وليس رَكزْ هيكل جديد " هيكل الداخلية " بجانب الهيكل القائم " الدفاع " وتركهما فارغين!!
ما استنتجته من ظهور أحمد علي وخطابه العلني باسم مكون عسكري لم يعد قائماً وينتظر تعيين قائد له بالاسم الجديد " المنطقة المركزية " أن ذلك خطوة استباقية تصعيدية لقرارات رئاسية جاهزة من المحتمل صدورها خلال ساعات.
أما إذا مضت الساعات والأيام دون صدور القرارات الرئاسية بالتعيينات فهناك احتمال آخر؛ إما أن الرئيس/عبد ربه قد استدعى أحمد علي فعلاً ونسق مع الأطراف المستهدفة والمعنية بالهيكلة لتأجيل قرارات التعيينات إلى ما بعد مؤتمر الحوار، أو أن الرئيس متردد وسيقودنا بتردده إلى وضع غامض ومقلق يعيدنا إلى نقطة الصفر في ٢٠١١ ويفتح أمام اليمن كل الاحتمالات السيئة؛ من الحرب الأهلية والتشظيات.
مصطفى راجح
ظهور الوريث المخبأ 1793