تزداد قضايا الطفولة في الوطن تعقيداً يوماً بعد يوم لالتحامها الشديد بقضايا كبيرة جداً يعاني منها مجتمعنا اليمني بشكل عام، خاصة فيما يتعلق منها بقضايا التسلح والاتجار بالبشر، إلى ما يعود أكثر خصوصية ليصل إلى الاستغلال المبكر.. وفي حماية الطفولة لا يكفي فقط أن نحاول تحطيم جدران العزلة الاجتماعية أو القانونية أو الثقافية، ولا يكفي أيضاً أن نحاول تمزيق تلك الأسلاك الشائكة التي تخفي خلف طياتها اللولبية المعقدة آلاف الجراح والأنات وأطنان الأحزان والعثرات، بل يجب أن نتخطى ذلك لتحطيم صنم السياسة التي جعلت الطفولة هامشاً والبراءة وسيلة للكسب، ويجب أيضاً أن تثب كل إرادة حية ورغبة صادقة في بناء جيل جديد ونظيف وخالٍ من أمراض العصر لتقف بصلابة أمام تيار لا مسئول، لأنه لا يكتفي ببصق القذارة على أرصفة حياة الأطفال، بل يتعداها ليجعلهم أداة رخيصة لتحقيق مصالحة الشخصية الضيقة والبعيدة عن الإنسانية.. نحن بحاجة إلى خطة قوية تستخدم سلاح المراقبة الشاملة على قضايا الطفولة ولا تقف عند حد الإيواء أو الدفاع أو المناصرة، فما يحدث خلف جدران الدُور (بضم الدال) والمحاكم والسجون لا يمكن أن يتخيل بشاعته فكر بشرى ولا يمكن أن تستوعبه ذاكرة إنسانية.. لا نريد العبث بهذا الجيل أكثر مما قد عُبث به ولا ننسى أننا أرباب عمل ولدينا مسؤولية البحث عن حلول لمثل هذه الفئة من الأطفال.. وإذاً فنحن رُعاة للطفولة وكل راعٍ مسئول عن رعيته أمام الله عزوجل يوم القيامة، فليحرص الجميع على حمل المسؤولية كما يجب قبل أن يفوت الأوان ونجد أنفسنا أمام جيل تغذيه الحيلة وتسقيه الرذيلة، يفترش الكذب ويلتحق الخداع، جيل أفرزته الأزمات وربته هبات الاختلاف السياسي والطائفي والعرقي في الوطن.. ليضطلع الجميع بمسؤوليته تجاه هذا الجيل ولنحرص على أن لا ننشر غسيل أبنائنا أمام أعين العالم جاعلين من ضعفائهم بيننا أداة للتسول واستجداء المعونات من هنا وهناك حتى أوشك الوطن أن يتحول على أيدي البعض إلى ماردٍ كبير يأكل أبناءه وما تملك أيديهم من سقط المتاع!.
ألطاف الأهدل
الطفولة الغائبة 1792