الجميع لاحظ كم من النقاط الأمنية والعسكرية انتشرت في معظم شوارع أمانة العاصمة، وشهدت العاصمة صنعاء، حالة من الشد الأمني غير المعهود، ورفع الجاهزية الأمنية، ومنع حمل السلاح وإزالة العواكس، ومنع الدراجات النارية، حتى الأتربة المتراكمة على جانبي أرصفة الشوارع.
كل هذا حدث لأن أعضاء مجلس الأمن الـ"15" زاروا اليمن واجتمعوا في العاصمة صنعاء.. جميل حالة الانضباطية هذه والحفاظ على الأمن والاهتمام بإزالة الأتربة من الشوارع الرئيسية، وهذا يعني أن لدينا دولة وبإمكانها فرض هيبتها ومنع حمل السلاح وإزالة كل ما هو مخالف، وأن بمقدورها ضبط حالة الانفلات الأمني التي تسببت في حوادث أمنية مخيفة وصلت حد عمليات اغتيالات منظمة تتم بكل أريحية والأجهزة الأمنية والعسكرية لا تحرك ساكناً.
ضبط الأمن خلال الثمانية والأربعين الساعة الماضية تحمل لنا كيمنيين أكثر من رسالة، أولها أن حالة الأمن يمكن ضبطها بسهولة ومتى ما أرادت القيادة السياسية ذلك.. حيث أن اختفاء المظاهر المسلحة من العاصمة بتلك الصورة قبل وأثناء تواجد أعضاء مجلس الأمن الدولي في صنعاء يؤكد أن بمقدور هذه الدولة والسلطة الحالية أن تجعل من الحالة الأمنية كالمقولة الشعبية الدارجة "أمن يقط المسمار".. وفي المقابل تؤكد لنا كشعب مغلوب على أمره بأن الانفلات الأمني واحدة من الأوراق التي تلعب بها أطراف العملية السياسية بمختلف إنتماءاتهم وتوجهاتهم، ترمها متى ما تشاء وترفعها متى ما تشاء..
الـ"48" الساعة الماضية أثبتت لنا كشعب مقهور أننا كبشر لا نساوي شيئاً وليس لنا أي قيمة سواء في عهد النظام السابق أو الحالي، وأن الحال لم يتغير بعد الثورة السلمية، فالمواطن اليمني لازال يبحث عن قيمته كإنسان وبشر سوي لدى حكومة الوفاق فلا يجد ذلك في خانة اهتمامها، وإن مسألة أمنه واستقراره والحفاظ على حياته لا تعني الرئيس والحكومة والأحزاب وجميع القوى والجماعات السياسية والمسلحة لا تعنيهم في شيء، فعندما جاء "15" شخصاً مهماً عالمياً رأينا كيف تمت حالة ضبط الأمن ومنع المظاهر المسلحة، وهذا يدفعنا للتساؤل، هل نحن كيمنيين لا نستحق حالة الأمن هذه ونمر بأمان، هل يعقل أننا لا نستحق انتشار نقاط التفتيش بهذه الصورة كي توفر لنا شيئاً من الأمن والاستقرار ولو لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر حتى يستقر الوضع ويزول شبح الانفلات الأمني من أذهاننا كمواطنين.
إن هذا الاهتمام بالأمن ورفع الجاهزية ـ لمجرد وصول أعضاء مجلس الأمن والدولي ـ شيء مهم "أدرك ذلك"، لكن ما لا نقبله أيضاً كبشر أسوياء أن يظل شبح الانفلات الأمني يطاردنا ليل نهار وبمقدور السلطات أن تضبطه وتنهيه، لأن الميزانية التي تصرف للأجهزة الأمنية والعسكرية هي نفس الميزانية التي تؤخذ من ظهر هذا الشعب كضرائب وزكوات وغيرها ومن مواردنا وثرواتنا وليس من "بيت أبو أحد".. يعني أن من حقنا أن نلزم قيادتنا السياسية أن توفر لنا الأمن كما وفرته لأعضاء مجلس الأمن إلاَّ إذا كانت قيادتنا غير معنية بأمننا كمواطنين يمنيين، فهذا أقل الحقوق التي لنا تجاه الدولة.. التي تواجدت عند زيارة أعضاء مجلس الأمن الدولي وكانت غائبة طوال الفترة الماضية ويبدو أنها ستغيب مرة أخرى لأن شعورنا كمواطنين بالأمن أمر ترى فيه حكومة الوفاق والرئيس شيئاً ثانوياً، أو أنها غير مدركة أن هذا من أساسيات حياتنا اليومية كبشر وحتى كحيوانات.
إبراهيم مجاهد
عجيب أمننا ومجلس الأمن؟! 1938